للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالُوا: يَعُمُّ، وَيَسْقُط، وَإِنْ كَانَ بِلَفْظِ التَّخْيِيرِ كَالْكِفَايةِ. قُلْنَا: الْإِجْمَاعُ ثَمَّةَ عَلَى تَأْثيمِ الْجَمِيعِ، وَهُنَا: بِتَرْكِ وَاحِدٍ لا بِعَيْنِهِ، وَأَيْضًا: فتَأْثِيمُ وَاحِدٍ لا ...........

الشرح: "قالوا": الوجوبُ "يعمّ" كلَّ الخصال، "ويسقط" بمباشرة أحدها، "وإِن كان بلفظ التخيير" وذلك "كالكفاية"، فإِن فرضَ الكفاية - كما مَهَّدتم - واجب على الجميع، ويسقط بالبعض بجامع حصول المصلحة بمبهم (١).

"قلنا": الفرق أن "الإِجماع ثَمَّ على تأثيم الجميع"، والإِجماع "هنا"، على الذمِّ "بترك واحد [لا بعينه] "، كذا ذكر في "المنتهى".

ونقل عن بعض المعتزلة التأثيم بالجميع.

ولكن ظاهر إِيراد الأكثرين ما ذكره المصنّفُ من اتفاق الفريقين على أن التَّارك إِنما يأثم بواحد، وقالوا: على هذا، لا خلاف في المَعْنَى.

وممن صرَّحَ بأنه لا خلاف في المعنى إِمام الحرمين، وابن السَّمعاني، وجماعة من المتأخرين.


= قال ابن خلدون بعد أن ذكر مذهب القائلين بجواز نصب الخليفة: (والذي حملهم على هذا المذهب، إِنما هو الفرار عن الملك، ومذاهبه من الاستطالة والتغلُّب، والاستمتاع بالدنيا؛ لما رأوا الشريعة ممتلئة بذم ذلك، والنعي على أهله ومرغبة في رفضه، واعلم أن الشَّرع لم يذم الملك لذاته، ولا حظر القيام به، وإِنما ذم المفاسد الناشئة عنه من القَهْر والظلم، والتمتع باللذات، ولا شك أن في هذه مفاسد محظورة، وهي من توابعه، كما أثنى على العدل والنصفة، وإِقامة مراسيم الدين والذب عنه، وأوجب بإِزائها الثواب، وهي كلها من توابع الملك، فإِذًا وقع الذم للملك على صفة وحال دون حال أخرى، ولم يذم لذاته … إِلخ.
خلاصة القول: إِن وجوب نَصْب الخليفة الذي ذهب إِليه جمهور العلماء ليس وجوبًا عينيًا، بل هو وجوب كفائي، شأنه شأن سائر الواجبات الكفائية من جهاد وطلب علم ونحو ذلك، فإِذا قام بهذه الوظيفة من يصلح لها سقط وجوبها عن كافة المسلمين، وإِن لم يقم بها أحد أثم من الناس فريقان:
الأول: أهل الاختيار المعروفون بشروطهم، حتى يختاروا خليفة المسلمين.
والثَّاني: أهل الخلافة حتى ينتصب أحدهم، ويتولى أمورها، وليس على غير هذين الفريقين من الأمة حرج ولا مأثم. ينظر: الخلافة أو الإِمامة العظمى للسيد رشيد رضا ص ٣٦، ومقدمة ابن خلدون ١٦٠، والأحكام السلطانية للماوردي ص ٣.
(١) في ب: منهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>