للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَعَلَهُ فِي وَقْتِهِ فَالْجُمْهُورُ: أَدَاءٌ. وَقَالَ الْقَاضِي: قَضَاءٌ، فَإِنْ أَرَادَ وُجُوبَ نِيَّةِ الْقَضَاء فَبَعِيدٌ،

بظنه "فإِن" تبين خطأ ظنه، "ولم يمت ثمَّ فعله في وقته، فالجمهور" قالوا: إِنه "أداء"، لا مفعول في وقته المقدر له شرعًا، ولا يرتفع ذلك الإِثم، لجرأته، كمن وطئ امرأته يظنها أجنبية.

وعن إِمام الحرمين: أن الإِثْم ينتفي.

ونظيره قول بعض الأشياخ: إِن الرَّجْعَةَ ترفع إِثم الطَّلاق في الحَيْضِ.

"وقال القاضي: قضاء"، لأنه تضيق عليه بظنّه، وهو نظير ما قَدَّمناه عن القاضي، والحَقّ مع الجمهور.

ونظير المسألة: الزَّاني، ومن وطئ امرأته وهو يظنّها أجنبية، ولا يشكّ ذو نظر صحيح؛ أن إِثم الزَّاني أبلغ، وأن هذا إِنما يأثم على جرأته.

ومثار التَّردد أنه هل ينظر إِلى ما في نفس الأمر أو الظاهر.

وهي قاعدة من فروعها: ما لو رأى العسكر سوادًا، وظنوه عدوًا، فصلوا صلاة الخَوْفِ، وبان غير عدو، ففي القضاء قولان:

أظهرهما: الوجوب.

ولو رأوا عدوًا فخافوا، ثم بَانَ أنه كان بينهم وبينه خندق، فالصحيح وجوب القضاء، ولو استناب، المعضوب الذي لا يرجى برؤه ثم برئ، فالأصحُّ عدم الإِجزاء، نظرًا إِلى ما في نفس الأمر في الكلّ.

"فإِن أراد" القاضي بكونه قضاء حقيقة القضاء المصطلح عليه (١) بحيث ينبني عليه وجوب نيّة القضاء فبعيدٌ (٢)، إِذ هو واقع في [الوَقْتِ] (٣) المحدود له.

ولقائلٍ أن يقول: إِذا كان ينظر إِلى فصل المكلّف إِلى الوَقْتِ المحدود في نفس الأمر فلا بعد (٤) فيه، وقد علمت موافقة القاضي الحسين له، وهو من أسَاطِين الفقهاء.

ثم لا يلزم من كونه قضاء "وجوب نِيَّةِ القضاء"؛ لأنا لا نشترطُ نيةَ القضاء في القضاء، ولا نِيَّةَ الأداء في الأداء، نعم هو في نفسه ضعيف ناءٍ عن صنيع السلف.

"ويلزمه" أن المرء "لو اعتقد انقضاء الوقت قبل دخول الوقت"، وقد يتفق ذلك، كمحبوس


(١) سقط في ت، ح.
(٢) في أ، ت، ح: فيعيد.
(٣) سقط في ت.
(٤) في أ، ب، ح: يعد.

<<  <  ج: ص:  >  >>