للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَيَلْزَمُهُ لَو اعْتَقَدَ انْقِضَاءَ الْوَقْتِ قَبْلَ الْوَقْتِ، فَيَعْصِي بالتَّأْخِيرِ. وَمَنْ أَخَّرَ مَعَ ظَنِّ السَّلامَةِ، فَمَاتَ فَجْأَةً فَالتَّحْقِيقُ لا يَعْصِي بِخِلافِ مَا وَقْتُهُ الْعُمْرُ.

لا يعرف أمر الأوقات فعصى بالتأخير أي: لم يفعل عند ظَنّه، ثم تبين خطأ ظنه، وأوقعها في الوقت أن يكون ذلك قضاء.

هذا تقرير كلام المصنّف، وبه يظهر لك أن جواب "لو" محذوف، لدلالة ما قبله - وهو ما يلزمه عليه، ففاعل يلزمه ضمير يعود على، القضاء المتقدم كما قررناه.

والمعنى: ويلزمه القضاء في هذه الصورة.

وقوله: "فيعصي بالتأخير" معطوف على اعتقد، أصله: لو اعتقد فعصى.

وقد توهّم الشِّيرَازي أن لفظ المصنّف فيعصي - فعل مضارع - ثم توهّم ثانيًا أن ذلك جواب "لو"، ثم اعتقد ثالثًا أن عدم العصيان في هذه الصورة مفروغ منه، فلمَّا لزم القضاء الزم به، ليتبيّن فساد قوله، فأخذ ينتصر للقاضي بأنه لا يلزم، إِذ لا يلزم من كون الظن موجبًا للعصيان بالتأخير عن الوَقْتِ المظنون في الوقت المَشْرُوع كونه موجبًا بالتأخير عنه قبل الوَقْتِ المشروع.

وما روي أن المصنّف وكل أحد يقول بالعصيان، وأن المفروغ منه ثبوت العصيان لا انتفاؤه، وأن الذي الزم به القاضي جعل هذه الصورة قضاء فقط، فإِن التزمه فقد باء بعظيم، فإِنَّ أحدًا لا يقول بأن العبادة تقع قبل الوقت أداء وبعده قضاء، وإِلَّا فقد تحكم؛ إِذ في المكانين ظنٌّ بانَ خطؤه وأثم بتأخير العبادة فيه، وكون ذلك الوقت المشروع لا هذا، لأن الوقت عنده ما يظنه المكلف فحسب.

وهذا على تقدير أن يكون القاضي أراد بكونه قضاء، القضاء المصطلح عليه (١) الذي دَلَّ عليه المصنّف بما يترتَّب عليه من وجوب نيَّة القضاء.

وعندي أن القاضي يلتزم كونه قضاء، بل هذا قوله، ولا حاجة إِلى الاستفسار. وأمَّا نِيَّةُ القضاء ففرع عنه، ولا يلزم أيضًا، لما ذكرناه من عدم اشتراطها فلا تصحّ (٢) إِرادتها بلفظ القضاء، وإِذا كان هذا هو مدعى القاضي فلا يقال: إِنه يلزم.

ولعلَّ المصنّف إِنما عدل عن القضاء إِلى نيّة القضاء؛ لئلَّا يكون قد ألزم بنفس المدعى فأخذ يلزم باثر من آثاره، يستبعد التزامه وهو النّية.


(١) سقط في ج، ح.
(٢) في ح: يصح.

<<  <  ج: ص:  >  >>