للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَفِي غَيْرِهِ، لَوِ اسْتَلْزَمَ الْوَاجِبُ وُجُوبَه، لَزِمَ تَعَقُّلُ الْمُوجِبِ لَه، وَلَمْ يَكُنْ تَعَلُّقُ الْوُجُوبِ لِنَفْسِهِ، وَلامْتَنَعَ التَّصْرِيحُ بِغَيْرِهِ، وَلَعَصَى بِتَرْكِهِ، وَلَصَحَّ قَوْلُ الْكَعْبِيِّ فِي نَفْي الْمُبَاحِ، وَلَوَجَبَتْ نِيَّتُهُ.

والأول إِما أن يكون الفعل ممكن الحصول عند عدم الشرط أو لا، والتالي باطل، وإِلا يلزم تكليف ما لا يُطَاق، فيتحقق الأول، وهو كونه غير شرط.

الشرح: "وفي "الدلالة على عَدَمِ وجوب "غيره".

قال المصنّف: "لو استلزم الواجب وجوبه لزم تعقل الموجب له"، وإِلا أدَّى إِلى الأمر بما لا شعورَ له به، وهو قد يغفل عنه.

وأيضًا: "لم يكن تعلّق الوجوب" الذي هو الطلب الجازم بغير الشرط "لنفسه". لكن الطلب الذي هو نسبة بين الطَّالب والمطلوب ما لا يعقل منه غير المطلوب فلا يستلزم إِيجاب شيء غيره.

وأيضًا: لو كان مستلزمًا وجوبه "لامتنع التصريح بغيره"، ولا يمتنع أن يقول: لا يجب غسل شيء زائد على الوجه مثلًا.

وأيضًا: لو استلزم "لعصى (١) بتركه"، وتارك مقدمة الواجب إِنما يعصي (٢) بترك الواجب لا بترك المقدمة.

"ولصح قول الكعبي (٣) في نفي المُبَاح"؛ لأن فعل الواجب - وهو ترك الحرام - لا يتم إِلا به فيجب.

وفي بعض النسخ - وليس في أصل المصنّف - "ولوجبت نِيَّته" (٤)؛ لأنه عبادة، ولا تجب إِجماعًا.

ولقائل أن يقول: على الأول، لا نسلم الغَفْلة عنه على الجملة.


(١) في ت: لقضى.
(٢) في ت: يقضي.
(٣) عبد الله بن أحمد بن محمود الكعبي، من بني كعب، البلخي الخراساني، أبو القاسم: أحد أئمة المعتزلة، كان رأس طائفة منهم تسمى "الكعبية" وله آراء ومقالات في الكلام انفرد بها، وهو من أهل "بلخٍ"، أقام بـ"بغداد" مُدَّةً طويلة، له كتب منها: التفسير، وتأييد مقالة أبي الهذيل. صنف في الكلام كتبًا كثيرة، وانتشرت كتبه بـ "بغداد". ولد سنة ٢٧٣ هـ، وتوفي سنة ٣١٩ هـ. ينظر: تاريخ بغداد ٩/ ٣٨٤، المقريزي ٢/ ٣٤٨، الأعلام ٤/ ٦٥.
(٤) في ج، ح: بنية.

<<  <  ج: ص:  >  >>