للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَنَا: لَوْ لَمْ يَجِبِ الشَّرْط، لَمْ يَكُنْ شَرْطًا.

ثم قال أكثرهم: إِن ذلك ليس من صيغة اللَّفظ، بل من دلالته، وهو الصَّحيح.

واقتضى كلامُ ابن السَّمْعَاني أن منهم من يقول: بأنه من نفس الصيغة يقتضي ذلك وهو ساقطٌ.

"وقيل: لا" وجوب "فيهما" أي: في الشرط وغيره.

وزعم (١) ابنُ الأَنْبَاري أنه لا خلاف في وجوب الشَّرط الشرعي، وليس كذلك، ولو تَمَّ لاتجه للمصنّف أن يقول بوجوب الشَّرط الشرعي دون السَّبب؛ لأن لنا قائلًا بأن السَّبب لا يجب.

فإِذا قام الإِجماع مع ذلك على وجوب الشَّرْط كان السبب أولى، بأن يقال بوجوبه، ولكن ذلك مردود نقلًا ومعنى لا [تقوم] (٢) به الحُجَّة.

الشرح: "لنا" (٣) على وجوب الشَّرط الشرعي أنه "لو لم يجب الشَّرطُ لم يكن شرطًا"، والتالي باطل؛ لأنه خلاف الفرض.

وبيان الملازمة: أن الشرط إِذا لم يجب جاز تركه، فإِذا تركه، فإِما أن يكون الفعل إِذ ذاك مأمورًا به، أَوْ لا، والتالي (٤) باطل، فيلزم أن يتقيَّد الوجوب بوقت وجود الشَّرط، وهو خلاف الفَرْض؛ لأن صورة المسألة: إِذا ورد الأمر مطلقًا غير متوقف بحالة حصول المتوقّف عليه.


(١) زعم: قال الإِمام الواحدي المفسر رحمه الله تعالى في قول الله تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ﴾ قال الزُعم والزَعم لغتان وأكثر ما يستعمل بمعنى القول فيما لا يتحقق قال ابن المظفر: أهل العربية يقولون زعم فلان إِذا شك فيه ولم يدر لعله كذب أو باطل. وعن الأصمعي الزعم الكذب. وقال شريح: زعموا كنية الكذب. وقال ثعلب عن ابن الأعرابي الزعم القول يكون حقًّا ويكون باطلًا وأنشد في الزعم الذي هو حق لأمية بن أبي الصلت: [المتقارب]
وَإِنِّي أَذِينٌ لَكُمْ أَنَّهُ … سَيُنْجِزكُمْ ربُّكُمْ مَا زَعَمْ
ومثل ذلك قال شمر وأنشد للجعدي رضي الله تعالى عنه في الزعم الذي هو حق يذكر نوحًا :
نودي قم واركبن بأهلك … إِن الله موفٍ للناس ما زعما
وهذا بمعنى التَّحقيق. ينظر: تهذيب الأسماء واللغات ٣/ ١٣٤.
(٢) في ت، ح: يقوم.
(٣) لما فرغ من تحرير المذاهب أقام الدليل على أن ما لا يتم الواجب إِلا به إِن كان شرطًا فهو واجب، وإِن كان غير شرط فليس بواجب.
(٤) في ج: والثاني.

<<  <  ج: ص:  >  >>