للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

يدخل المباح تحت قضية الأمر، فكيف يدخل الممنوع، وإِذا تحقَّق ذلك وجب أن يكون المأمور بفعل إِذا فعله على وجه كره الشَّرع إِيقاعه عليه لا يكون ممتثلًا، وينعطف (١) من كراهيته (٢) الإِيقاع على هذا الوجه، فيدل (٣) على الأمر المطلق.

قال إِمام الحرمين: وهذه المسألة مَثَّلها الإِئمةُ بالترتيب في الوضوء، فمن يراه يقول: المنكس (٤) مكروه، فلا يدخل تحت مقتضى الأمر (٥).

وقال ابنُ السَّمْعَاني: تظهر فائدة (٦) الخلاف في قوله تعالى: ﴿وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ﴾ [سورة الحج: الآية ٢٩].

فعندنا: هذا لا يتناول الطَّواف بغير طهارة، ولا المنكّس، وعندهم يتناوله فإِنهم وإِن اعتقدوا كراهته ذهبوا إِلى أنه دخل في الأمر وأجزأ.

قلت: وفائدة هذا أن من يدعي دخول المكروه تحت الأمر يستدلّ بالأمر عليه، ولا يحتاج إِلى دليل من خارجٍ، بخلاف من ينكره، فالشَّافعي مثلًا، يطالب الحنفي بالدَّليل على إِجزاء المنكّس في الوضوء والطواف.

فإِن قال: الاسم صادق عليه، فدخل تحت عموم الأمر، منعه، وقال: إِنما يدخل تحت عموم الأمر، ما يكون مطلوبًا، وهذا مكروه بالاتفاق، وسواء كان مجزئًا كما يقولون، أم لا.

قال ابن السَّمْعاني: وهذا المثال - يعني الطواف - إِنما يتصوّر على أصلهم. وأما عندنا فليس هو بطواف أصلًا.

قلت: هذا ينبني على أن العبادات الشرعية، هل هي موضوعة للصحيح فقط، أَوْ لِما هو أعم من الصحيح والفاسد؟ وسنتكلم على ذلك في باب النواهي، إِن شاء الله تعالى.


(١) في ج، ح: يتعطف.
(٢) في ج: كراهية.
(٣) في ج، ح: قيد.
(٤) في ج: المتنكس.
(٥) ينظر البرهان ١/ ٢٩٦ (٢٠٦).
(٦) في حاشية ج: قوله: يظهر فائدة الخلاف … إِلخ الظاهر أن كلّ ما مثلوا به ليس من المسألة؛ لأن الكراهة لعارض غير لازم. تأمل.

<<  <  ج: ص:  >  >>