للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَخْصُوصٍ؛ لِلْجِهَتَيْنِ، وَأَيْضًا، لَوْ لَمْ تَصِحَّ، لَكَانَ لاتِّحَادِ الْمُتَعَلَّقَيْنِ؛ إِذْ لا مَانِعَ سِوَاهُ اتِّفَاقًا، وَلا اتِّحَادَ؛ لأِنَّ الْأَمْرَ لِلصَّلاةِ، وَالنَّهْيَ لِلْغَصْبِ. واخْتِيَارُ الْمُكَلَّفِ جَمْعَهُمَا لا يُخْرِجُهُمَا عَنْ حَقِيقَتِهِمَا.

وَاسْتُدِلَّ: لَوْ لَمْ تَصِحَّ، لَمَا ثَبَتَ صَلاةٌ مَكْرُوهَةٌ، وَلا صِيَامٌ مَكْرُوهٌ؛ لِتَضَادِّ الْأَحْكَامِ. وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ إِنِ اتَّحَدَ الْكَوْن، مُنِعَ، وَإِلَّا لَمْ يَفْسُدْ؛ لِرُجُوعِ النَّهْيِ إِلَى وَصْفٍ مُنْفَكٍّ.

الخِيَاطَة عاصيًا من حيث الدخول (١)، وإِنما حصل التغاير بينهما "للجهتين.

وأيضًا لو لم يصح لكان لاتحاد المتعلّقين"، أي: لأن متعلّق الوجوب والحرمة واحدٌ؛ "إِذ لا مانع سواه اتفاقًا"، واللازم باطل، إِذ "لا اتحاد" للمتعلّقين؛ "لأنَّ الأمر للصلاة والنهي للغصب، واختيار المكلّف جمعهما لا [يخرجهما] (٢) عن حقيقتيهما" اللَّتين هما متعلّقا (٣) الأمر والنهي، وإِذا لم يكن متعلق الأمر والنهي واحدًا، صح تعلّقه به، وأيضًا قد وافق المخالفون على صحّة صوم الشَّيخ والمريض اللَّذينَ يستضران بالصَّوم، مع أنه منهي.

الشرح: "واستدلّ لو لم يصحّ" اجتماع الأمر والنَّهي (٤) باعتبار جهتين "لما [ثبتت] (٥) صلاة مكروهة، ولا صيام مكروه، لتضاد الأحكام" الخَمْسَة، فالوجوبُ كما يضاد التحريم يضاد الكَرَاهة، فلو لم يثبت مع التحريم لما ثبت مع الكَرَاهَةِ، إِذ لا مانع إِلا التضاد، واللازم باطل؛ بدليل كراهية ما لا ينحصر من صلاة وصوم.

"وأجيب" عن هذا الاستدلال "بأنه إِن اتحد الكون" أي: الحصول في الحيز واحد في الصلاة، وهو مأمور به، وفي الغَصْبِ منهي؛ لأنه هو الغصب فاتَّحد المتعلّقان، فمنعت الصحة، فإِن كان الصوم والصلاة المكروهين كذلك "منع" كونهما صحيحين، "وإِلا لم يفسد"؛ إِذ لا يلزم من الصِّحة الواقعة في المنهي "لرجوع النَّهي إِلى وصف منفك" لا يتّحد فيه المتعلّق الصحة حيث يرجع إِلى الكون (٦) الَّذي هو ذاتي متَّحد (٧) المتعلّق.

ولقائل أن يقول: النَّهي في الصلاة في الدَّار المغصوبة راجع أيضًا إِلى وصف منفك، ولا يظهر فرق بينهما وبين الصَّلاة المكروهة.


(١) في ح: المدخول.
(٢) في ب: نخرجهما.
(٣) في ب: متعلق.
(٤) في ح: نهى.
(٥) في أ، ج: تثبت.
(٦) في أ: اللون.
(٧) في ج: فيتحد.

<<  <  ج: ص:  >  >>