للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَنَا الْقَطْعُ بِطَاعَةِ الْعَبْدِ وَعِصْيَانِهِ، بِأَمْرِهِ بِالْخِيَاطَةِ، وَنَهْيِهِ عَنْ مَكَانٍ ..........

وقال: ليس الأمر على ما قاله، بل يستحيل كون المكروه طاعةً على حال، فكيف يصحُّ اجتماع الحكمين وهما متضادان؟.

نم: إِن تعددت الوجوه أمكن ذلك كما في الدار المغصوبة.

قلت: وهو حق إِلا أن الإِمام ردّ المسألة إِلى مآخذ الكلام في الدار المَغْصُوبة، فلذلك فهم عنه المَازِرِيّ ذلك، ولو لم يكن كذلك لم يتَّجه كلامه ألبتة.

وأنا أقول في رَدّ [هذا] القَوْل إِلى مأخذ الصَّلاة في الدار المَغْصُوبة نظر، وإِن ذكر الإِمام وابن السَّمعاني وغيرهما، وذلك لتحقّق جهتين فيها، بخلاف ما نحن فيه، فإِن الوضوء المنكسَ مثلًا - مكروه، من حيث إِنه تنكيس وضوء، فهو كصوم يوم النَّحْر سواء، ولا كذلك الصلاة، فإِنها ليست حرامًا من حيث إِنها صلاة، بل من حيث إِنها شغل فافهم ذلك.

وقد أغلظ الإِمامُ القول علي أئمتنا، وقال: الاستدلال على وجوب التَّرتيب في الوضوء، بأن المنكس مكروه، والمكروه لا يتناوله الأمر فتبين أنَّ الأمر بالطهارة لم [يمتثل] (١) فيطالب (٢) المكلف به، وذكر أن مَغْزَى هذا إِثبات وجوب الشَّيء من حيث يثبت الخَصْم كراهته، [وهو من فن العبث - أي: ليس في دعوى الخَصْمِ كراهة] (٣) المنكس، ما ينتهض حُجَّة لنا في وجوب الترتيب.

وهذا صحيح لو أن أئمتنا يستندون في وجوب الترتيب إِلى هذا، وإِنما [لم] (٤) يذكر أئمتنا هذا الطريق على وجه الإِلزام والإِفحام، كما يقول المناظر.

قلت: كذا وكذا، فيلزم عليك كذا وكذا، وهذا اللازم لا يتوجَّه إِلا على أصلي فدلّ على [أنه] (٥) الصحيح.

إِذا عرفت هذا فلنعد إِلى الكلام في تعلق الأمر والنهي بالشيء الواحد من جهتين فنقول:

الشرح: "لنا: القطع بطاعة العَبْدِ وعصيانه بأمره بالخِيَاطَةِ ونهيه عن مكان مخصوص"، كما إِذا قال: خِطْ هذا الثوب ولا تدخل الدَّار، فإِنه إِذا خَاطَ الثوب في الدار [كان] (٦) ممتثلًا من


(١) في ح: يتمثل.
(٢) في ت: فيطلب.
(٣) سقط في ج.
(٤) سقط في ج، ت.
(٥) سقط في ح.
(٦) سقط في ت.

<<  <  ج: ص:  >  >>