للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ولإِمام (١) الحرمين احْتِمَالٌ في إِعادة صلاة الجَنَازة، أنها لا تصح؛ لأن إِعادتها لا تستحب وفي وجه: تكره.

واعلم أن إِمام الحرمين أنكر كون المكروه لا يقع مجزئًا مع موافقته (٢) على أن الأمر لا يتناول المكروه وقال: إِن من يتتبع قواعد الشَّريعة ألفى من المكروه المجزئ أمثلة تفوت الحصر.

وحاصلُ كلامه آيل إِلى ما تقرّر في الصَّلاة في الدَّار المغصوبة، وأن النهي إِذا لم يرجع إِلى عين الفعل المأمور به لم يمتنع الإِجزاء من هذه الجِهَةِ.

كذا فهمه المازري عنه، واعترضه بأن الأمثلة المُشَار إِليها وإِن تكاثرت إِنما ترد لو عممنا القول، وقلنا: لا نعتد بمكروه أصلًا، [ونحن إِنما نقول: الأصل أن الأمر لا يتناول المكروه] (٣)، وإِذا لم يتناوله بقيت المُطَالبة بموجب الأمر الأول فلا يرد عليه.

ولم يفهم عنه ابن الأَنْبَارِيّ رد القول في ذلك إِلى نظيره من الصلاة في الدَّار المغصوبة


= الشمس، فإِنهما لا يصلى فيهما شيء من النوافل ولا بأس بأن يصلّى في هذين الوقتين الفوائت ويسجد للتلاوة، ويصلى على الجنازة؛ إِذ النهي فيهما إِنما جاء عن التطوعات خاصّة، فمن ذلك حديث ابن عباس : شهد عندي رجال مرضيّون، وأرضاهم عندي عمر: أن رسول الله "نهى عن الصلاة بعد الصبح حتى تشرق الشمس، وبعد العصر حتى تغرب" متفق عليه.
هذا - وثبت عن عائشة في الصحيحين: "ركعتان لم يكن رسول الله يدعهما سرًا ولا علانية: ركعتان قبل صلاة الصيح، وركعتان بعد العصر" وفي لفظ: "ما كان النبيّ يأتيني في يوم بعد العصر إِلَّا صلى ركعتين" وفي لفظ لمسلم عن طاوس عنها قالت: وهم عمر ، إِنما نهى رسول الله أن يتحرى طلوع الشمس وغروبها، قال رسول الله : "لا تحرّوا بصلاتكم طلوع الشمس ولا غروبها فتصلوا عند ذلك" وفي لفظ للبخاري عن أم أيمن عن عائشة قالت: والذي ذهب به ما تركهما حتى لقي الله تعالى، وما لقي الله تعالى حتى ثقل عن الصلاة، وكان يصليهما ولا يصليهما في المسجد مخافة أن يثقل على أمته، وكان يحب ما خفف عنهم" فمن هذا يتبين أن عائشة كانت ترى أن الركعتين بعد صلاة العصر جائزتان غير منهي عنهما. قاله شيخنا عبد المجيد محمد فتح الله في أثر لمنهي في العبادات.
(١) في ح: وإِمام.
(٢) ينظر البرهان ١/ ٢٩٧ (٢٠٧).
(٣) سقط في ح.

<<  <  ج: ص:  >  >>