أمّا الشَّافعي رحمه الله تعالى فقال: إِن هذه الأوقات المكروهة لا ينهى عن الصلاة فيها على الإِطلاق، بل عن بعض أنواع منها، وما ورد فيها من النهي المطلق حمل على ذلك البعض، فالنهي والكراهة إِنما هما لكل صلاة ليس لها سبب خاصّ متقدم أو مقارن لوقت النهي - وهي النوافل المطلقة. أمّا الصلوات الَّتي لها سبب متقدم على وقت النهي أو مقارن له، كقضاء الفرائض والسنن الفائتة وصلاة الجنازة وسجدة التلاوة، وركعتي الطواف، فإِنها جائزة غير منهي عنها، كما أن الصلاة مطلقًا جائزة عنده بحرم مكة فرضها ونفلها، وجوّز أيضًا التنفل يوم الجمعة وقت الزوال، وبه قال أبو يوسف ﵀. واستدلّ الشَّافعي ﵁ على إِخراج الفرائض المقضية من النهي والكراهة بقول الرسول ﷺ: "من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إِذا ذكرها فإِن ذلك وقتها" رواه الدارقطني والبيهقي في الخلافيات عن حديث أبي هريرة بسند ضعيف، وأصله متفق عليه دون قوله: "فإِن ذلك وقتها". فيرى الشَّافعي أن هذا الحديث خاص في الصلاة الَّتي نام عنها أو نسيها، فيخص به حديث عقبة بن عامر الذي ينهى عن جميع الصلوات، فاستدلّ بهذا الحديث على صحّة الصلاة الَّتي تقدم سببها، وكان قد نسيها أو نام عنها ثم تذكرها بعد مضي وقتها، ويلحق به كلّ قضاء؛ إِذ لا فرق. كما استدلّ به على صحّة الصلاة الَّتي لم يزل وقتها باقيًا وتذكرها؛ إِذ قوله: "ثم ذكرها" أعمّ من أن يكون قد مضى وقتها أو ما زال باقيًا. ويلحق بذلك أيضًا الفرض الذي أخره من غير نوم أو نسيان حتى دخل وقت الكراهة؛ إِذ لا فرق. وبما روى مجاهد عن أبي ذر أن الرسول ﷺ قال: "لا صلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس، ولا صلاة بعد الصبح حتّى تطلع الشمس إِلا بمكة إِلا بمكة" رواه الشَّافعي قال: أخبرنا عبد الله بن المؤمل عن حميد مولى عفرة عن قيس بن سعد عن مجاهد "وفيه قصة" ورواه أحمد عن يزيد عن عبد الله بن المؤمل، إِلا أنه لم يذكر حميدًا في سنده. ورواه الدارقطني والبيهقي. واستدلّ الشَّافعي وأبو يوسف رحمهما الله: على إِباحة النفل يوم الجمعة وقت الزوال بما جاء في مسند الشَّافعي رحمه الله تعالى قال: - أخبرنا إِبراهيم بن محمد عن إِسحاق بن عبد الله عن سعيد المقبري عن أبي هريرة ﵁ أن رسول الله ﷺ "نهى عن الصلاة نصف النهار حتى تزول الشمس إِلا يوم الجمعة". أمّا الوقتان الآخران وهما ما بعد صلاة العصر إِلى غروب الشمس، وما بعد صلاة الصبح إِلى طلوع =