للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= بالناقص الواقع عند طلوع الشمس.

قال السرخسي في الفرق بين صلاة العصر اليوم عند الاصفرار فغابت الشمس وهو يصلي، وصلاة الصبح فطلعت الشمس وهو يصلي حيث صحت الأولى وبطلت الثَّانية: - إِن الطلوع بظهور حاجب الشمس وبه لا تنتفي الكراهة، بل تتحقق فكان مفسدًا للفرض، والغروب بآخره وبه تنتفي الكراهة ولم يكن مفسدًا للعصر.

أمّا النوافل: فالصلاة النافلة الَّتي يشرع فيها الإِنسان في هذه الأوقات الثلاثة: قال الحنفية: إِنها صحيحة تلزم بالشروع فيها وتضمن بالقطع، حتى لو قطعها وجب عليه القضاء، وينبغي أن يقطعها ويقضيها في وقت تحل فيه الصلاة تخلّصًا من الكراهة، فإِن قضاها في وقت آخر مكروه أجزأه وقد أساء؛ لأنه لو أتمها في ذلك الوقت أجزأه مع الإِساءة، فكذا إِذا قضاها في مثل ذلك الوقت. وقال زفر: إِن قطعه لا يضمن، وهو رواية عن أبي حنيفة رحمهما الله تعالى؛ لأنها منهي عنها فلم تجب صيانتها عن البطلان. ووجه القول الأول - وهو ظاهر الرواية - أن الصلاة تركبت من أجزاء مختلفة غير متجانسة من قيام وركوع وسجود، فلا يكون لبعضها اسم الصلاة، وإِنما ينطلق الاسم عند انضمام هذه الأجزاء بعضها إِلى بعض بأن يقيد الركعة بالسجدة، وصارت الركعات بعد ذلك أجزاء متجانسة فكان لركعة واحدة اسم الصلاة، ولهذا لو حلف ألّا يصلي فشرع في الصلاة لا يحنث ما لم يقيّد الركعة بالسجدة، ومن انتقل من الفرض إِلى النفل قبل تمامه لا يجعل متنفلًا ما لم توجد منه السجدة؛ لأن ما دون الركعة ليس بصلاة، والنهي ورد عن الصلاة في هذه الأوقات، فلم يكن الشروع فيها منهيًا عنه، ولا القيام والقراءة والركوع، وإِنما يتوجه النهي إِلى هذا الفعل عند وجود السجدة، فما مضى قبل ذلك انعقد عيادة محضة غير منهي عنها، فإِبطالها حرام وصيانتها واجبة، ولا تحصل الصيانة دون المضيّ، فكان المضي في حق ما مضى امتناعًا عن إِبطال العمل وهو واجب، وفي حق ما يستقبل تحصيل طاعة وتحصيل معصية، فكان المضيّ طاعة ومعصية وامتناعًا عن معصية: وهي إِبطال العبادة. وترك المضيّ امتناع عن معصية وطاعة وتحصيل معصية وهي إِبطال عبادة محضة، فترجحت جهة المضيّ على جهة القطع، فإِذا قطع الصلاة فقد قطع عبادة وجب عليه المضيّ فيها، فيلزمه القضاء. هذا هو ما ذكره بعض المشايخ توجيهًا لقول الحنفية بصحة النوافل في هذه الأوقات. وقد ناقش الكمال هذا التوجيه فقال ما حاصله:

إِن محصل هذا التوجيه أن النهي يتعلّق بمسمى الصلاة، ومسمّاها مجموعة الأركان، وبمجرد الشروع لا تتحقق الأركان، فلم يتحقق المنهي عنه؛ فصح الشروع لعدم تعلق النهي به، فيلزم القضاء بالإِفساد وهو مدفوع؛ إِذ كون مسمّى الصلاة لا يتحقق إِلا بالأركان، لا يقتضي وجوب القضاء بالإِفساد، لأن وجوب القضاء بوجوب الإِتمام قبل الإِفساد، والثابت نقيضه، وهو حرمة الإِتمام بالنهي. كما يلزم عليه أيضًا أن تفسد الصلاة بعد ركعة؛ لارتكاب المنهي عنه حينئذ، وهو منتف =

<<  <  ج: ص:  >  >>