والقول بعدم صحتها يتخرَّجُ على أن المكروه لا يدخل تحت مطلق الأمر.
= الوقت نفسه لا نقص فيه لو أسلم الكافر أو بلغ الصبي أو أفاق المجنون في الجزء المكروه، فلم يؤد الفرض حتى خرج الوقت، فإِن السبب في حقهم لا يمكن جعله كلّ الوقت حين خرج، إِذ لم يدركوا مع الأهلية إِلا ذلك الجزء، فليس السبب في حقهم إِلا إِياه، ومع هذا لو قضوا في وقت مكروه لا يجوز؛ لأن الثَّابت في ذمتهم كامل لا نقص فيه؛ إِذ لا نقص في نفس الوقت، بل المفعول فيه يقع ناقصًا، غير أن تحمل ذلك النقص لو أدى فيه العصر ضروري؛ لأنه مأمور بالأداء فيه، فإِذا لم يؤد لم يلزم النقص الضروري. وهو في نفسه كامل فيثبت في ذمته كذلك، فلا يخرج عن عهدته إِلا بكامل. وكذلك لا تصح سجدة التلاوة، ولا صلاة الجنازة في الوقت المكروه إِذا حصل سببهما في وقت غير مكروه، أما إِذا وجد السبب في وقت مكروه فإِنها تصح فيه، ويصح قضاؤها في مثله؛ وذلك لأن عند التلاوة مثلًا يخاطب بالأداء موسعًا ومن ضرورته تحمل ما يلزمه من النفص لو أدى عندها. بخلاف ما إِذا تليت في وقت غير منهي عنه، فإِن الخطاب لم يتوجه بأدائها في وقت مكروه، فلا يجوز قضاؤها في مكروه، وكذا لو قضى في الوقت المكروه ما قطعه من النفل المشروع فيه في وقت مكروه، فإِنه يخرجه عن العهدة وإِن كان آثمًا؛ لأن وجوبه ضرورة صيانة المؤدي عن البطلان ليس غير، والصون عن البطلان يحصل مع النقصان، وإِنما قالوا بجواز عصر اليوم عند تغير الشمس واصفرارها لما تقرر في الأصول من أن سبب وجوب الصلاة هو الوقت، لكن لا يمكن أن يجعل كلّ الوقت سببًا للوجوب؛ لأنه لو كان كلٌّ سببًا له لوقع الأداء بعده؛ لوجوب تقدم السبب على المسبب بجميع أجزائه، كما أنه لا دليل على قدر معيّن منه كالربع والخمس مثلًا، فوجب أن يجعل بعض منه سببًا، وأقل ما يصلح لذلك هو الجزء الذي لا يتجزأ، والجزء السّابق لعدم ما يزاحمه أولى، فإِن اتصل به الأداء تعيّن لحصول المقصود من الأداء، وإِن لم يتصل به الأداء ينتقل إِلى الجزء الذي يليه، وهكذا إِلى أن يضيق الوقت، ولم يتقرر على الجزء الماضي؛ لأنه لو تقرر كانت الصلاة في آخر الوقت قضاء، وليس كذلك، فكان الجزء المتصل بالأداء أو الجزء المضيّق أو كلّ الوقت إِن لم يقع الأداء فيه هو السبب؛ لأن الإِنتقال من سببية الكلّ إِلى الجزء كان لضرورة وقوع الأداء خارج الوقت على تقدير سببية الكل، وقد زالت فيعود كلّ الوقت سببًا ثم الجزء الذي يتعيّن سببًا للصلاة تعتبر صفته من الصحة والفساد، فإِن كان صحيحًا بألا يكون موصوفًا بالكراهة ولا منسوبًا إِلى الشيطان كوقت الظُهر وجب المسبب كاملًا، فلا يتأدى ناقصًا، وإِن كان السبب ناقصًا بأن كان منسوبًا إِلى الشيطان كالعصر إِذا استأنفه في وقت الاصفرار وجب الفرض فيه ناقصًا تبعًا لنقصان سببه، فيجوز أن يتأدى ناقصًا؛ لأنه أداه كما وجب، بخلاف غيره من الصلوات الواجبة بأسباب كاملة فإِنها لا تقضي في هذه الأوقات؛ لأن ما وجب كاملًا لا يتأدّى ناقصًا، وبخلاف ما إِذا بدأ في صلاة الصبح قبل طلوع الشمس فطلعت وهو يصلي حيث تطل الصلاة، لأنها وجبت كاملة، فلا تتأدى =