للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأنَّهُمْ قَسَّمُوا الْأَمَرَ إلَى إِيجَابٍ وَنَدْبٍ.

الحنفية، والشيخ أبي حامد، والقاضى أبي الطيب، وابن الصَّبَّاع، وابن السَّمعاني، والإمام الرَّازي وغيرهم من الشافعية (١).

فإن قلت: كيف يكون المندوب عند المصنّف كذلك، وسيقول في باب الأمر: إن صيغةَ: "افعل" حقيقة في الوجوب.

قلت: الكلام هنا في الأمر - أمر - لا في صيغة "افعل"، والأمر مقول على الواجب والمندوب بالحقيقة.

و"افعل" مختصة بالوجوب، فالندب (٢) مأمور به حقيقة، ولا يدخل فيه صيغة "افعل"


(١) لما فرغ من مسائل المحظور شرع في مسائل المندوب، وهو في اللغة: "المدعو لهم" مأخوذ من "الندب" وهو الدعاء لذلك، ومنه قول الشاعر: [البسيط]
لَا يَسْأَلونَ أَخاهُم حينَ يَنْدُبُهُم … فِي النَّائِباتِ عَلى مَا قَالَ بُرْهَانَا
وفي الاصطلاح: المطلوب فعله شرعًا من غير ذم على تركه مطلقًا، فـ "المطلوب فعله شرعًا" احترز به عن الحرام، والمكروه، والمباح، وغيره من الأحكام الثابتة بخطاب الوضع والإخبار "ونفى الذم على الترك" احتراز عن الواجب المضيق، "ومطلقًا" احتراز عن المخير والموسع والكفاية.
وقولهم: "هو ما فعله خير من تركه" مردود بالأكل قبل ورود الشرع، فإنه خير من تركه لما فيه من اللذة واستبقاء المهجة، وليس مندوبًا، وما قيل: "هو ما يمدح على فعله، ولا يذم على تركه" منقوض بأفعاله تعالى، فإنها كذلك وليست مندوبة، ومن أسمائه: المرغب فيه أي بالطاعة "والمستحبُّ" أي من الله، و "النفل" أي الطاعةُ الجر واجبة، و"التطوع" أي الانقياد في قربة بلا حتم، و"السنة" أي الطاعة الجر الواجبة؛ لأنها تذكر في مقابلة الواجب. ينظر: شرح المختصر ١/ ١٢٩ أ، والبحر المحيط للزركشي ١/ ٢٨٤، والبرهان لإمام الحرمين ١/ ٣١٠، وسلاسل الذهب للزركشي ص (١١١)، والإحكام في أصول الأحكام للآمدي ١/ ١١١، ونهاية السول للإسنوي ١/ ٧٧، وزوائد الأصول له ص (١٦٨)، ومنهاج العقول للبدخشي ١/ ٦٢، وغاية الوصول للشيخ زكريا الأنصاري ص (١٠)، والتحصيل من المحصول للأرموي ١/ ١٧٤، والمستصفى للغزالي ١/ ٧٥، وحاشية البناني ١/ ٨٠، والإبهاج لابن السبكي ١/ ٥٦، والآيات البينات لابن قاسم العبادي ١/ ١٣٥، وحاشية العطار على جمع الجوامع ١/ ١١٢، والمعتمد لأبي الحسين ١/ ٤، وتيسير التحرير لأمير بادشاه ٢/ ٢٢٢، وحاشية التفتازاني والشريف على مختصر المنتهى ١/ ٢٢٥، وشرح التلويح على التوضيح لسعد الدين مسعود بن عمر التفتازاني ٢/ ١٢٣، والموافقات للشاطبي ١/ ١٠٩، ١/ ١٣٢، وميزان الأصول للسمرقندي ١/ ١٣٥، والكوكب المنير للفتوحي ص (١٢٥).
(٢) في ح: فالمندوب.

<<  <  ج: ص:  >  >>