للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

حقيقة، هذا ما تحررّ من كلام المصنّف، وبه يظهر أن كلامه غير مختلف، ولولا ذلك لناقض كلامه هنا ما قاله في باب الأمر، وهذه طريقة الآمدي.

وطريقة الإمام الرازي: أنه لا فرق بين الأمر وصيغة "افعل".

ويعضد (١) طريقة الآمدي تصريح بعض أصحابنا بأن الأمر حقيقةٌ في الوجوب، مع أن المندوب مأمور به حقيقة كما نقله الشيخ أبو حامد، وابن السَّمعاني وغيرهما، إلا أنهما صرحا بأن مأخذ هذا القائل أن الواجب ما يُثَاب [على] (٢) فعله، ويعاقب على تركه، والمندوب ما يثاب على فعله ولا يعاقب على تركه، فإذا استعمل الأمر في الندب، فقد استعمل في بعض ما اشتمل عليه الواجب فكان حقيقة كحمل العموم على بعض ما يتناوله.

ولذلك قال سليم الرَّازي في "التقريب": ونقله عن كثر أصحابنا، ونقل كونه مجازًا عن أهل "العراق".

قلت: وهذا فيه نظر من وجهين:

أحدهما: أن اللفظ إذا أطلق على بَعْضِ مدلوله الحقيقي كان (٣) مجازًا، وكذلك (٤) نقول (٥): في العام يطلق على الخاص.

والثاني: أن المندوب ليس بَعْضَ الواجب، بل هو قسيمه، وإن اشتركا في الثواب على الفعل، فافهم ذلك.

قال: "لنا" وجهان:

أحدهما: "أنه طاعة" إجماعًا، ولذلك يعقد الفقهاء باب صلاة التطوع للنَّوَافل، والطاعة امتثال الأمر، فيكون مأمورًا به.

والثاني: "أنهم قسموا الأمر إلى إيجاب وندب"، ومورد التقسيم مشترك بين القسمين. وقد يمنع كبرى الأول، ويقال: الطَّاعة فعل المطلوب، وهو أعم من الأمر، والمندوب طاعة؛ لأنه مقتضى ممن له الاقتضاء.

قال ابن القشيري: وربما كان طاعةً لورود الوعد بالثَّوَاب عليه. وقد يمنع صغرى الثَّاني ويقال: لا نسلّم أنهم قسموا.


(١) في ب: يقصد.
(٢) سقط في ب.
(٣) في حاشية ج: قوله: "كان مجازًا" هذا إن أطلق عليه من جهة خصوصه كما هنا؛ إذ لا يدخل في الواجب من جهة عمومه لأخذ العقاب على الترك في حقيقته. تدبر.
(٤) في ت، ح: لذلك.
(٥) في ت، ح: يقول.

<<  <  ج: ص:  >  >>