الأوّل: ميقات زماني، وهو من ابتداء شوّال إلى فجر يوم النحر، فلا ينعقد الحج إلا إذا نواه الشخص في هذا الوقت، أما إذا نواه في غيره، فإنه ينعقد عمرة، كما تقدم؛ لشدّة تعلّق الإحرام ولزومه، فإذا لم يقبل الوقت ما أحرم به انصرف لما يقبله، وهو العمرة. وهذا الميقات عام لجميع آحاد الناس، لا فرق بين بين هو بـ "مكة" ومن هو في غيرها. الثاني: ميقات مكاني، ويختلف باختلاف الجهات، فمن كان في مكة، ولو كان من غير أهلها وأراد الإحرام بالحج، فميقاته نفس مكة، فيجب عليه أن يحرم من أي مكان منها، فلو أحرم بعد مفارقة بنيان مكة، ولم يرجع إليها إلا بعد الوقوف لزمه دم؛ لتركه إيقاع الإحرام في الميقات. والأفضل له أن يحرم عند باب داره، بعد أن يصلّي سنّة الإحرام في المسجد تحت الميزاب، ومحل كون مكة ميقاتًا لمن هو فيها إذا كان يحج عن نفسه أو عن شخص آخر بـ "مكة"، أما إذا كان يحج عن آفاقي فميقات إحرامه هو ميقات من يحج عنه، أو مثل مسافته، وميقات المتوجه من المدينة ذو الحليفة، وهو موضع ماء لبني جشم، وهو المعروف الآن بـ "أبيار علي" بينه وبين المدينة ثلاثة أميال. وميقات المتوجه من الشام ومصر والمغرب الجُحْفَة، وهي قرية بين مكة والمدينة، وهي الآن خربة ويقرب منها القرية المعروفة بـ "رابغ"، فيصح الإحرام منها بلا كراهة، وميقات المتوجه من تهامة يلملم، وهو جبل من جبال تهَامَةَ على مرحلتين من مكة، وميقات المتوجه من نجد الحجاز، ومن نجد اليمن قَرْن، وهو جبل مشرف على عرفات، وهو على مرحلتين من مكّة، وميقات المتوجه من المشرق الشامل للعراق، وغيره ذات عِرق، "وهي قرية على مرحلتين من مكة"، وسمّيت بذلك؛ لأن بها جبلًا يسمى عِرقًا يشرف على واد يقال له: وادي العقيق، وميقات من مسكنه بين ميقات من هذه المواقيت، وبين مكة نفس مسكنه، وميقات من جاوز ميقاتًا غير مريد نسكًا ثم أراده نفس الموضع الذي أراد النسك وهو فيه. والأصل في المواقيت ما جاء في الصحيحين عن ابن عباس، قال: "وَقَّتَ رَسُولُ اللهِ ﷺ لأِهْلِ المَدِينَةِ ذَا الحُليْفَةِ، وَلأِهْلِ الشَّامِ الجُحْفَةَ، وَلأِهْلِ نَجْدٍ قرنًا، وَلأِهْلِ الْيمَنِ يلمْلم وَقَال: هُنَّ لهنَّ وَلِمَنْ أتَى عَليْهِنَّ مِنْ غَيْرِ أَهْلِهِن مِمَّنْ أَرَاد الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ، وَمَنْ كَانَ دُونَ ذَلِكَ فَينْ حَيْثُ أَنْشَأَ حَتَّى أَهْلُ مَكَّةَ مِنْ مَكَّةَ" وروى الشافعي في الأم عن عائشة "أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ وَقَتَ لأَهْل المَدِينَةِ ذَا الحُليْفَةِ، وَلأِهْلِ الشَّامِ وَمِصْرَ وَالمَغْرِب الْجُحْفَةَ"، وفي رواية أبي داود: "أنَّه ﷺ وَقَّت لأَهل العراق ذاتَ عرق". ولا يشترط عند الإحرام المرور بهذه المواقيت أنفسها، بل يكفي الإحرام من مكان يحاذيها يمنةً أو يسرةً، فمن سلك طريق البحر أو البر، ولم يمر بين الميقات، بل كان بعيدًا عنه لزمه =