ومنها: الحج يبطل بالزيادة، ويفسد بالجِمَاعِ (١)، وحكم الباطل أنه لا يجب قضاؤه، ولا يمضي فيه، بخلاف الفاسد.
هذا حكم ما يطرأ، وأما الفاسد ابتداء فإذا أحرم بالعمرة، ثم جامع ثم أدخل عليها الحج، فالأصحُّ ينعقدُ فاسدًا.
وقيل: صحيحًا.
وقيل: لا ينعقد - قاله في "الروضة" في باب الإحرام.
(١) يفسد كل من الحج والعمرة بالوطء من غير الخنثى في الفرج قبلًا كان أو دبرًا من آدمي أو بهيمة بإنزال أو بدون إنزال، بشرط أن يكون الواطئ مميزًا عامدًا عالمًا مختارًا، ولو كان صَبيًّا مميزًا أو رقيقًا. وأما المرأة فإن وطأها مكرهة أو نائمة لم يفسد حجها وعمرتها، وإن كانت طائعةً عالمة فسد حجها وعمرتها. والحجّة في ذلك قوله تعالى: ﴿فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج﴾ أي فلا ترفثوا في الحج: أي لا تجامعوا، والأصل في النهي اقتضاء الفساد، وقيس بالحج العمرة. يجب على من أفسد نسكه من حج أو عمرة أن يتم النسك الذي أفسده بأن يأتي بجميع ما يعتبر به قبل الوطء لإطلاق قوله تعالى: ﴿وأتموا الحج والعمرة لله﴾ قإنه لم يفصل بين الصحيح والفاسد منهما. وأيضًا صح ذلك عن جمع من الصحابة ولم يعرف لهم فيه مخالف. ويلزمه دم وهو بدنة، وسيأتي بيانه، وأما المرأة فلا شيء عليها غير الإثم. ويجتنب في أثناء إتمامه ما كان يجتنبه قبل الوطء فتلزمه الفدية أيضًا إذا فعل محظورًا. ويلزمه إعادة الفاسد فورًا، وإن كان ما أفسده نفلًا؛ لأنه يلزم بالشروع فيه إتمامه وإكماله كالفرض؛ ولأنه وإن كان وقته موسعًا تضيق عليه بالشروع فيه. ويلزمه أن يحرم في الإعادة مما أحرم منه في الأول من الميقات أو قبله، ولا يلزمه أن يحرم في الإعادة في مثل الزمن الذي أحرم فيه في الأوّل، لعسر ضبط الزمان. بعد مضيّه. ثم إعادة العمرة الفاسدة فورًا ظاهر. وأما الحج الفاسد فيمكن أن يتصور إعادته في سنة الفساد - كأن يحصر الحاج بعد الجماع أو قبله، ويتعذّر عليه إتمام نسكه فيتحلّل، ثم يزول الحصر والوقت باق، فإن لم يحصر أعاده في العام القابل. ولو أفسد في الإعادة - لزمه بدنة أيضًا، ولكن لا تلزمه الإعادة عنها بل يعيد الأصل؛ لأن المعاد، واحد فلا يلزمه أكثئر من الواحد. ومحل فساد الحجِ بالوطء إذا حصل الوطء قبل التحلّل الأول؛ لأنه وطء صادف إحرامًا صحيحًا لم يحصل فيه التحللِ الأوّل، أما بعد التحلّل الأول وقبل التحلّلِ الثاني، فلا يفسد به إلا أنه حرام؛ لأنه لا يحل قبل التحلّل الثاني ما يتعلق بالنساء كما تقدّم. ومحلّ فساد العمرة به إذا وقع قبل الفراغ من أعمالها وكانت مفردة، بخلاف ما إذا كانت في قرانٍ، فإنها تابعة للحج صحةً وفسادًا. ويبطل كل من الحج والعمرة بالرّدة - والعياذ بالله - ولا يجوز المضي فيه؛ لأنه يخرج منه بالبطلان، ففرق بين الفاسد والباطل في كلّ من الحجّ والعمرة.=