(١) القصر لغة: التنقيص، وشرعًا ردّ الصلاة الرباعية إلى ركعتين. وسبب القصر السفر فقط، وإن لم توجد فيه مشقة بخلاف الجمع؛ فإنه لا يختصر بالسفر، بل قد يكون بالمطر. وحكم القصر الجواز عند الأمن والخوف، والدليل عليه قوله تعالى. ﴿وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾، ونصوص السنة المصرحة بجوازه عند الأمن أيضًا قال "ثعلبة بن أمية": قلت "لعمر بن الخطابِ" ﵁: إنما قالما الله: ﴿إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ وقد أمن الناس. قال عمر: عجبت مما عجبت منه، فسألت رسول الله ﷺ فقال: (صدَقَةٌ تصدَّقَ الله بِهَا عَليْكُمْ فَاقْبَلُوا صَدَقَتَه). وحكمة مشروعية القصر أن السفر عذاب ومشقة، قال رسول الله ﷺ: "السَّفَر قِطْعةٌ مِنَ الْعَذَابِ يمْنَعُ أَحَدَكُمْ طَعَامَه وَشَرَابه، فإذا قضى أَحَدُكُمْ نَهِمَتَه مِنْ سَفَرِهِ فَلْيُعَجِّلُ إِلى أَهْلِهِ"، فلما كان في السفر أنواع المشاق والصعوبة وكثيرًا ما يكون الإنسان نازحًا من الوطن؛ لمشاغل دنيوية تنازعه بالطلب بكرة وعشية، تفضل مولانا الكريم على عباده بالرحمة والإحسان، فشرع قصر الصلاة رحمةً بالأمة وتخفيفًا للعباد ﴿وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ﴾، وشرع القصر في السنة الرابعة من الهجرة، قاله "ابن الأثير". وقيل: في ربيع الآخر من السنة الثانية للهجرة، قاله "الدولابي" وقيل: بعد الهجرة بأربعين يومًا، وهل القصر رخصة أو عزيمة؟!. الرخصة لغةً: السهولة، وشرعًا: الحكم المتغير من صعوبة على المكلف إلى سهولة؛ لعذر مع قيامٍ السبب للحكم الأصلي واجبًا كأكل الميتة، ومندوبًا، كالقصر إذا بلغ السفر ثلاثة أيام، ومباحًا كالسلم، وخلاف الأولى كفطر المسافر الذي لا يجهده الصوم. والحكم الأصلي في المذكورات: الحرمة، والسبب الخبث في الميتة، ودخول وقتي الصلاة والصوم في القصر والفطر، والغرر في السلم، وهو قائم حال الحل، والعذر الإضرار، ومشقة السفر، والحاجة إلى ثمن الغلات قبل=