للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالُوا: لَوْ صَحَّ، لأَمْكَنَ الاِمْتِثَال، وَفِي الْكُفْرِ لا يُمْكِنُ وَبَعْدَهُ ...........

الشرح: "قالوا: لو صَحَّ" تكليف الكافر بالصَّلاة مثلًا "لأمكن الامتثال، وفي الكفر [لا يمكن] (١) وبعده يسقط"؛ لأن الإسلام يجُبُّ ما قبله.

"قلنا": ليس الامتثال ممتنعًا، بل "يسلم ويفعل".

والحاصل: أن المكتسبات منها ما يقع ارتجالًا.

ومنها ما يقع بعد مقدمات. وافتقار بعضها إلى مقدّمات مكتسبات لا يخرج الأواخر (٢) أن تكون ممكنةً متأتية (٣).

ومن أمر أن يكتب والقلم في يده، كمن أمر أن يكتب والقلم موضوع بين يديه يمكنه (٤) أن يتناوله، فالكافر "كالمحدث" يمكنه الصَّلاة بأن يتوضأ.

وقد ارتكب أبو هَاشِمٍ (٥) هذه المُنَاقضة، وزعم أنه غير مُخَاطب بالصَّلاة، ولو بقي سائر دهره محدثًا، ووافقه ابْنُ خويز مِنْدَاد، وعزاه إلى مالك .

وقال إمامُ الحَرَمَيْنِ: التحقيق أنَّ الكافرَ يستحيل أن يخاطب بإنشاء فرع على الصحة، وكذلك كُلّ ما يقع آخرًا من العقائد في حَق من لا يصح عقده في الأوائل، وكذا المحدث يستحيل أن يخاطب بإنشاء الصَّلاة الصحيحة مع بقَاءِ الحدث، ولكن هؤلاء يخاطبون بالتوصّل إلى ما يقع آخرًا، ولا ينجز الأمر عليهم بإيقاع المشروط قبل وقوع الشرط - إذا مضى من الزَّمان ما يسع الشَّرط والمشروط والأوائل والأواخر، فلا يمنع أن يعاقب الممتنع على حكم التَّكليف معاقبة من يخالف أمرًا توجّه عليه ناجزًا، فمن أبى (٦) ذلك قضى عليه قاطع الفعل (٧) بالفَسَاد، ومن جَوّز (٨) تنجيز الخِطَابِ بإيقاع المشروط قبل وقوع الشرط، فقد سوّغ تكليف ما لا يُطَاق، ومن أراد أن


(١) في ب: لأمكن.
(٢) في ت: الأوائل.
(٣) في ح: متباينة.
(٤) في ح: يمكن.
(٥) عبد السلام بن محمد بن عبد الوهاب الجبائي، من أبناء أبان مولى عثمان: عالمٌ بالكلام، من كبار المعتزلة، له أراء انفرد بها، وتبعته فرقة سميت "البهشمية" نسبة إلى كتيته "أبي هاشم" وله مصنفات "الشامل" في الفقه، و"تذكرة العالم"، و"العدة" في أصول الفقه. ينظر: المقريزي ٢/ ٣٤٨، ووفيات الأعيان ١/ ٢٩٢، والبداية والنهاية ١١/ ١٧٦، والأعلام ٤/ ٧.
(٦) في أ، ب: أتى.
(٧) في أ، ت: العقل.
(٨) سقط في ح.

<<  <  ج: ص:  >  >>