للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَسْقُطُ. قُلْنَا: يُسْلِم، وَيَفْعَلُ كَالْمُحْدِثِ. الْوُقُوعُ ﴿وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ﴾ [سورة النساء: الآية ٣٠]، ﴿لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ﴾ [سورة المدثر: الآية ٤٣].

يفرّق بين الفروع وآخر العقائد، وبين صلاة إلى حدث وهو مبطل قطعًا.

ثم ذكر مقالة أبي هَاشِمٍ ثم قال: إن أراد ما ذكرناه فهو الحقُّ الذي لا خفاءَ فيه، وإن أراد ألَّا يعاقب على ترك الصَّلاة لتركه (١) التوصُّل إليها فقد خرق إجماعَ الأمةِ.

وهذا من الإمام تحقيق لمقالة أصحابنا، ومن بحره اغترف ابن برهان فقال: ترجمة المسألة بأن الكُفَّار مخاطبون بفروع الإيمان خطأ؛ لأن الصلاة غير صحيحة من الكافر، وهو منهي عنها، فكيف يخاطب بها؟.

وقد اشتمل كلام الإمام هذا على دفع شُبْهَةِ الخصوم، إذ قالوا: هو غير مخاطب بالصلاة مثلًا؛ لأنه في الزَّمَان الأول وهو حين بلوغه [لا] (٢) يمكن أن يكون مخاطبًا بأن الإيمان والصَّلاة معًا؛ إذ الزمان يضيق عنهما، ولا بالصَّلاة فقط، لأنها مشروطة بالإيمان [فيما بقي إلا أن يكون مكلَّفًا بالإيمان] (٣) فقط.

والقول في ثاني الزَّمَان كالقول في أوله، فلا خِطَابَ بالفروع أصلًا، ووجهه أنه مكلف بالإيمان في الزمان الأول، والصلاة في الثاني، فإذا مضى زمانها عوقب على تركهما كالمحدث، يخاطب بالطَّهَارة والصَّلاة، فإذا تركهما عوقب عليهما.

فإن قلت: لو مضى الزمان الأول لا يعصي عند الإمام إلا بالكُفْر فقط، ويعصي عند الأصحاب به وبالفروع.

قلت: قال الإمام: لو أثم بالفروع والفرض أنها غير ممكنةٍ كان تكليفًا بما لا يُطَاق، هذا منتهى الكلام في دليل الجواز.

وأما "الوقوع" فدليله قوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ "وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا﴾ [سورة الفرقان: ٦٨] وأشار بذلك إلى جميع ما تقدم، وإن كان ظاهرها أنها لفظ مفرد لا يعود إلا على مفرد، وإلا يلزم أن يضيق ذكر القتل والزنا.


(١) في أ، ح: كتركه.
(٢) سقط في أ، ت.
(٣) سقط في ح.

<<  <  ج: ص:  >  >>