للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالُوا: لَوْ وَقَعَ، لَوَجَبَ الْقَضَاءُ، قُلْنَا: الْقَضَاءُ بِأَمْر جَدِيدٍ، وَلَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ وُقُوعِ التكلِيفِ وَلَا صِحَّتِهِ رَبْطٌ عَقْلِيٌّ.

وقوله -تعالى- حكاية عنهم: " ﴿لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ﴾ [سورة المدثر: الآية ٤٣] "، عللوا دخول النَّار بترك الصَّلاة فدلَّ على أنهم مخاطبون بها.

وأوضح (١) من هاتين الآيتين (٢) عندي في الدلالة على تكليفهم قوله تعالى: ﴿الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ زِدْنَاهُمْ عَذَابًا فَوْقَ الْعَذَابِ بِمَا كَانُوا يُفْسِدُونَ﴾ [سورة النحل: ٨٨]؛ إذ لا ريب في أن زيادة هذا العَذَاب إنما هو بالإفساد الذي هو من وراء الكفر.

الشرح: "قالوا: لو وقع" تكليفهم بالفروع "لوجب" عليهم "القضاء".

قلنا: القضاء "بأمر جديد، فليس بينه وبين وقوع التَّكليف ولا صحته ربط عَقْلي" بحيث يلزم من وجودهما وجوب القضاء.

وهذه الشُّبهةُ هي الحاملة لأبي حامد الإسفراييني على اختيار تكليف الكُفَّار بالفروع.

ونقول تفريعًا على أن القضاء بالأمر الأول: قال أصحابنا: إن المرتد يقضي صلاة أيام الردة وهو كافر، وأما من عداه فإنما سقط القَضَاء بقوله (٣) تعالى: ﴿قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ﴾ [سورة الأنفال: الآية ٣٨] وقوله : "الإِسْلَامُ يَجُا ما قَبْلَهُ" (٤).

"فروع"

قال الأستاذ أبو إسحاق: يجب على الحَرْبِيّ ضمان النَّفس والمال، تخريجًا من [أن] (٥) الكُفَّار مخاطبون بالفروع، وعزاه إلى المُزَني في "المنثور"، والصحيح خلافه.

إذا اغتسلت الذِّمّية لتحل لمن يحل له وطؤها من المسلمين، فهل يجب عليها إعادة الغسل إذا أسلمت؛ فيه وجهان.

لو اغتسل الكافر عن جنابة أو توضأ أو تيمَّم، ثم أسلم فالصَّحيحُ وجوب الإعادة. في لُبْث الكافر والجنب [في المسجد] (٦) وجهان.


(١) في ح: واضح، وهو تحريف.
(٢) في أ، ح: الاثنين.
(٣) في أ، ب: لقوله.
(٤) أخرجه أحمد في المسند ٤/ ١٩٩، ٢٠٤، ٢٠٥ وابن سعد في الطبقات ٧/ ٢/ ١٩١، والبيهقي في الدلائل ٤/ ٣٥١، وابن كثير في التفسير ٣/ ٥٩٦، والزبيدي في الإتحاف ٩/ ٦٠٩، وابن عساكر كما في "التهذيب" ٥/ ١٠٠، والعجلوني في "الكشف" ١/ ١٤٠، والمتقي الهندي في الكنز ٢٤٣، (٣٧٠٢٤).
(٥) سقط في ح.
(٦) سقط في ح.

<<  <  ج: ص:  >  >>