للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

المذهب أنا لا نأخذ في الجِزْيةِ، وفي ثمن الشِّقْصِ المشفوع، فما تَيَقَّنَا أنه من ثمن الخمر.

وفيه وجه: التصرف في الخمر حرام عليهم عندنا خلافًا لأبي حنيفة (١).


(١) اتفق الفقهاء على أن الخمر التي من نيء عصير العنب المشتد يحرم على المسلم المكلف العالم بها وبتحريمها التصرف فيها بأي نوع من أنواع التصرف، وأنه لا ضمان على من أتلفها عليه أو غصبها منه، سواء أكانت محترمة أم غير محترمة، ونقل النووي في المجموع أن الشيخ أبا علي السّنجي "بكسر السين المهملة وبالجيم" حكى وجهًا في الخمر المحترمة بصحة بيعها؛ بناء على الشاذ في طهارتها، فإن صح عنه فهو محجوج بالإجماع. واختلفوا في التصرف في النبيذ وضمانه:
فذهب الجمهور إلى حرمة الانتفاع والتصرف في سائر الأنبذة المسكرة وأنه لا ضمان على من أتلفها على المسلم المذكور.
وذهب أبو حنيفة إلى أن الأنبذة الثلاثة المحرمة عنده مما سوى الخمر يحرم الانتفاع بها، ويجوز التصرف فيها بمعنى أنه يترتب عليه الأثر لا بمعنى الحل بالبيع ونحوه، وعلى من أتلفها على المسلم الضمان بالقيمة لا بالمثل.
وذهب الصاحبان إلى أن الأنبذة الثلاثة المحرمة يحرم الانتفاع بها والتصرف فيها بالبيع ونحوه، ولا يضمن من أتلفها على المسلم، أما غير تلك الأنبذة الثلاثة فيجوز التصرف فيها، وعلى من أتلفها أو غصبها الضمان. "الأدِلَّة" للجمهور: استدل الجمهور بالسنة والأثر والمعقول: أمّا السنة فمنها ما يأتي:
ما رواه مسلم، وأحمد، والنسائي عن ابن عباس قال: كان لرسول الله صديق من ثقيف أو دوس، فلقيه يوم الفتح براحلة أو راوية من خمر يهديها إليه، فقال: "يا فلان أما علمت أن الله حرمها؟ " فأقبل الرجل على غلامه، فقال: اذهب فبعها، فقال الرسول : "إن الذي حرم شربها حرم بيعها"، فأمر بها فأفرغت في البطحاء.
وما رواه الحميدي عن أبي هريرة أن رجلًا كان يهدي لرسول الله راوية خمر، فأهداها إليه عامًا وقد حرمت، فقال النبي : "إنها قد حرمت" فقال الرجل: أفلا أبيعها؟ فقال النبيّ : "إن الذي حرم شربها حرم بيعها"، قال: أفلا أكارم بها اليهود؛ قال النبيّ : "إن الذي حرمها حرم أن يكارم بها اليهود"، قال: فكيف أصنع بها؟ قال: شنها على البطحاء.
وجه الدلالة: أن النبي صرح بحرمة بيع الخمر وإهدائها كما صرح بحرمة شربها، ولم يبح الانتفاع بها بأي وجه، ولو بالإهداء إلى اليهود؛ كيلا تعود بفائدة على المهدي مكافأة له على هديته، ولذلك أمر أصحابه بإراقتها وإتلافها إهانة لها، ولو كانت مالًا متقومًا منتفعًا به شرعًا لما أمر بإراقتها؛ لأن فيه إضاعة للمال، وقد نهى عن إضاعته، وإذا لم تكن الخمر مالًا متقومًا منتفعًا به شرعًا، فلا يجب الضمان على من أتلفها على المسلم أو غصبها منه، وقد سبق أن كل شراب مسكر يسمى خمرًا =

<<  <  ج: ص:  >  >>