للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإِمَامُ وَالْمُعْتَزلَة، فَإِنْ أَرَادَ الشَّيْخُ أَنَّ تَعَلُّقَهُ لِنَفْسِهِ، فَلا يَنْقَطِعُ بَعْدَهُ أَيْضًا، وَإِنْ أَرَادَ أَن تنجِيزَ التَّكلِيفِ بَاقٍ، فَتَكْلِيفٌ بإِيجَادِ الْمَوْجُودِ، هُوَ مُحَالٌ، وَلعَدَمِ صِحَّةِ الاِبْتِلاءِ، فتَنْتَفِي فَائِدَةُ التَّكْلِيفِ.

"قَالُوا: مَقْدُورٌ حِينَئذٍ بِاتِّفَاقٍ؛ فَيَصِحُّ التَّكْلِيفُ بِهِ. قُلْنَا: بَلْ يَمْتَنِعُ بِمَا ذَكَرْنَاهُ.

ولقائِلٍ أن يقول: إنما يستحيل لو أريد بكونه مأمورًا أنه مطلوبُ مقتضى، وليس ذلك المراد كما سيأتي.

سلمنا أنه المراد، ولكن إنما يكون الفعل موجودًا عند تمامه؛ لأن المركب ينتفي بانتفاء جزء منه، فالصلاةُ مثلًا إنما تكون موجودة إذا تحققت في الخارج، وذلك عند انقضائها وهو (١) ما لم يَنْتَهِ إلى آخرها مأمور بها مطلوبة منه، وليست حاصلة، ضرورة أنها إنما تحصل عند آخر جزء منها، فلا يلزم تحصيل الحاصل.

الشرح: "قالوا" - يعني - ناصري الشيخ -: "مقدور" للمكلّف [حينئذٍ] (٢) باتفاق" - منا ومن المعتزلة أما عندنا فلأن القدرة حال الفعل.

وأما عندهم، فهي موجودةٌ قبل، وفي الحال "فيصحُّ التكليف به".

"قلنا: بل يمتنع" بقاؤه - أي: بقاء التكليف - "بما ذكرناه" من لزوم تحصيل الحاصل، وانتفاء فائدة التكليف.

واعلم أن المسألة (٣) من عظائم الكلام، ودقائق أحكام القدر، وهي قليلة الجدوى في الفقه.

وقد وافق الإمام فيها المعتزلة وأغلظ القَوْل في شيخ الجَمَاعة، وادعى احتياطة مذهبه، وتابعه الآمدي والمصنف.

ونحن نذكر الخِلافَ فنقول: للفعل أحوال: استقبال، وحال، ومضي.

أما الاستقبال: فالفعل يوصف قبل وجوده بأنه مأمور به، ومقتضى، ومطلوب، ومرغَّب فيه، ومحضوض (٤) عليه، وطاعة.


(١) في أ، ت، ح: فهو.
(٢) سقط في ت.
(٣) في ت، ح: مسألة.
(٤) في أ، ت، ح: مخصوص.

<<  <  ج: ص:  >  >>