للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

الحال: فلا يصح وصف الفعل فيه بأنه مقتضى، ومرغب فيه، ومحضوض عليه] (١)؛ لأن الطلب والاقتضاء، وما في معنى ذلك إنما يتصور فيما لم يوجد، والموجود حاصل، والحاصلُ لا ينتفي، ويصح وصفه بأنه طاعة، وهل يوصف بأنه مأمور به حال وقوعه؟.

قال أصحابنا: نعم، ونفاه المعتزلة.

وأما الماضي: فلا خلاف أنه لا يوصف بهذه الأوصاف إلا مجازًا إطلاقًا باعتبار ما كان.

فإذا قلنا: إنه حال الإيقاع وقبله مأمور به على مذاهبنا، فهل يتعلّق الأمر بهاتين الحالتين تعلّقًا مساويًا؛ اختلف أئمتنا فيه.

فمنهم (٢) من قال: هما سواء، والأمر متعلّق بالفعل في الحالتين تعلّق إلزام.

ومنهم من قال: أما حال الوقوع فتعلّق إلزام، وأما قبله فتعلّق إعلام، وأكثرنا على القول الأول.

والإمامُ الرَّازي وأتباعه على الثاني، وهو مقتضى نقل إمام الحرمين عن الأصحاب، إذا عرفت هذا، فقد صار الإمام وتلميذه الغَزَالي في هذه المسألة إلى رأي المعتزلة، ورأيا أن الفعل حال الإيقاع لا يتعلّق الأمر به، ثم اختلفت الطرق (٣) بهم.

فالمعتزلة: بَانُون على أصلهم من تقدّم القدرةِ على الفِعْل، وانقطاع تعلّقها حال وجوده.

والإمام كاد يوافقهم؛ لأنه يقول: ما ليس بمقدور لا يؤمر به من يثبت (٤) قدرته ويقول (٥): الحال غير مقدور، فلزمه تقديم القُدْرَةِ، فصرح من أجلها بتوجه الأمر قبل الفعل وانقطاعه معه.

وأما الغزاليُّ، فإنه سلَّم مقارنة القدرة للمقدور، ووافق مع هذا على انتفاء الأمر حال الوقوع، فوافقنا في الأصل، وخالفنا في الفرع، ثم اعتمد هو وإمامه على أن حقيقة الأمر الاقتضاء والطلب، والحاصل لا يطلب (٦).

وجوابهما معروف ممَّا قدمناه في نَقْلِ المذاهب، فإنَّا سلَّمنا أنه غير مقتضى حال الإيقاع،


(١) سقط في أ، ت، ح.
(٢) في ت: فمنعهم.
(٣) سقط في ت.
(٤) في أ، ح: ثبتت.
(٥) في أ، ت، ح: وتقول.
(٦) في ت، ح: يتطلب.

<<  <  ج: ص:  >  >>