للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ولكنه مع هذا مأمور به بمعنى أنه طاعة - وامتثال (١)، ولا ينكر أحد كونه طاعة وامتثالًا؛ لأن الطاعة موافقة الإرادة، والإرادة يصح (٢) عندهم أن تقارن المراد، وإذا ثبت كونه طاعة ومرادًا صح كونه مأمورًا به، ويكون للأمر فائدتان. الاقتضاء، ثم كون الفعل الموقع طاعة، وهذه الإفادة حاصلة حال الإيقاع كما تحصل (٣) قبله.

والإمام والغزالي ومن تبعهما كالمصنّف، قد رأوا أن لا حقيقة له [إلَّا في] (٤) الاقتضاء فإذا بطلت الحقيقة بطل في نفسه.

وأما مخالفة إمام الحرمين لنا في تقدُّم القدرة على الفعل، فإنه اعتل بأن القدرة هي التمكن، والتمكن لا يكون حال وجود الفعل، بل قبله.

وهذا من دقائق ما يذكر في علم الكَلامِ، فلا نطيلُ هنا باستيفاء القول فيه.

والشَّيخُ يقول: القُدْرَة المحدثة لا تتقدم المقدور، والأمر يتقدم الفعل، ويقارنه كما عرفت.

فقال الإمام ملزمًا له على هذا: إن المكلف في حال قعوده مأمور بالقيام باتفاق أهل الإسلام، والقيام غير مقدور له قبل شروعه فيه مع كونه مأمورًا به، فقد صار المأمور به غير مرتبط بكونه مقدورًا عليه، فلا وَجْه لبنائه المسألة على أن المكلف إذا اشترط كون قدرته تفارق المقدور صح كون الفعل مأمورًا به حال وجوده لكونه مقدورًا حينئذ، لأنا أريناه أن المأمور به يكون غير مقدور عليه.

هذا حاصل كلام الإمام.

وردّه المَازِرِيُّ بأنه يلزم الشيخ حيث يستدلّ على صحَّة تعلّق الأمر بالحادث لتعلّق القدرة أن يقول: [لا يتعلّق] (٥) قبل، لعدم تعلق القدرة به، وهو استدلالٌ بالعَكْسِ.

قال: وهو باطل على سائر المذاهب، ألا ترى أنا نستدل على وجود البَارِي بوجود أفعاله، ولا يلزم من عدمها عدمه.

قال: فكذلك [لا يقال] (٦) للأشعري إذا استدللت على حصول الأثر بحصول القدرة،


(١) في أ، ت، ح: إمساك.
(٢) في ب، ح: تصح.
(٣) في ت، ح: يحصل.
(٤) سقط في أ، ب، ت.
(٥) في أ، ت، ح: تتعلق.
(٦) سقط في ت.

<<  <  ج: ص:  >  >>