للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قُلْنَا: يَجِبُ تَأْوِيلُه، إِمَّا بِمِثْلِ: لا تَمُتْ، وَأنْتَ ظَالِمٌ، وَإِمَّا عَلَى أَن المُرَادَ الثَّمِلُ؛ لِمَنْعِهِ التَّثبُّتَ كَالْغَضَبِ.

وفي الحديث الصحيح. لما دخل النَّبي على حمزة، وجعل حمزة يُصَعّد نظره ثم قال: وهل أنتم إلا عبيد لأبي فعرف النبي أنه ثَمِلٌ … الحديث أي [أنه] (١) سَكْران شديد السّكر.

ولقائل أن يقول: هذا صريح في تحريم الصلاة على المنتشي مع حضور عقله بمجرد عدم التثبت، ولا نعلم من قال به.

والحقُّ الذي نرتضيه مذهبًا ونرى ارتداد الخلاف إليه - أن من لا يفهم إن كان لا قابلية له كالبَهَائِمِ، فامتناع تكليفه مجمع (٢) عليه، سواء خطاب التكليف، وخطاب الوضع.

نعم قد يكلف صاحبها في أبواب خطاب الوضع بما يفعله مع ما يفضله الفقيه.

وإن كانت له قابلية، فإما أن يكون معذورًا في امتناع فهمه كالطفل والنائم، ومن أكره حتى شرب ما أسكره، فلا يكلف إلا بالوضع.

وأما أن يكون غير معذور كالعاصي (٣) بسُكْره فيكلف، تغليظًا عليه، وقد نصَّ الشَّافعي على هذا.

وقول الغَزالِيِّ: السكران أسوأ حالًا من النَّائم الذي يمكن تنبيهه.

وكذلك (٤) دول القاضي في "التقريب": السكران الطَّافح لا يكلف كسائر من لا يفهم مما لا [نوافقهما] (٥) عليه - بل هو مكلف، ولا حاجة إلى الجواب بأنه من خطاب الوضع، فإنه يلزم عليه ألا يأثم ونحن نُؤثّمه؛ إذ هو الذي وَرَّط نفسه بتسببه إلى زوال عقله بالسُّكر. وأيضًا فخطاب الوضع عندنا راجع إلى الاقتضاء خلافًا للمصنف.

ويشهد لتفرقتنا بين من له قَابِلِيَّة، ومن لا قابلية له إيجاب الضمان على الأطفال دون الميت.

فإن أصحابنا قالوا بنفخ (٦) مَيّت، وتكسرت قارورة بسبب انتفاخه لم يجب ضمانها.


(١) سقط في ت، ح.
(٢) في ت، ح: مجموع.
(٣) في ب كالقاضي، وهو تحريف.
(٤) في ب: ولذلك.
(٥) في ب، ح: يوافقها.
(٦) في ح: بنضج.

<<  <  ج: ص:  >  >>