للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أُرِيدَ التَّعَلُّقُ الْعَقْلِيُّ. لَنَا: لَوْ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ، لَمْ يَكُنْ أَزَليًّا؛ لأِنَّ مِنْ حَقِيقَتِهِ التَّعَلُّقَ، وَهُوَ أزَلِيٌّ.

واعلم أن شيخنا إنما أراد التنجيز، والتعلّق عنده قديم، ولا يلزم من التنجيز تكليف المعدوم بأن يوجد الفعل في حال عدمه، بل تعلّق التكليف به على صفة، وهي أنه لا يوقعه إلا بعد وجوده، واسْتِجْمَاع الشرائط، وذلك لا يوجب عدم التَّنجيز، بل التنجيز واقع وهذا معناه.

ومن ظن أنه [كان] (١) يلزم من كونه كل أمورًا في القدم (٢) أن يوجد في العدم فقد زَلّ، فإن إتيانه في العدم كما يستدعي الإمكان كذلك يستدعي أنْ يؤمر به على هذا الوجه، والأمر لم يقع كذلك، بل على صفة أن الفعل يكون بعد استجماع شرائطه التي منها الوجود، [وأقرب] (٣) مثال لذلك الوكَالَة، فإن تعليقها باطلٌ على المذهب، ولو نَجّز الوكالة وعلق التصرُّف على شرط صح، وهو الآن وكيل وكالة منجزة، ولكنه لا يتصرف إلَّا على مقتضاها، وهو وجدان الشرط.

هذا كلام نفيس لأبي فيه رسوخ القَدَم (٤)، فإنه كان يقرره وينادي عليه بأوضح البَرَاهين، وبه يتضح أن التعلق (٥) قديم، على خلاف ما ذكره جماهير المتأخرين منهم الإمام في أول "المحصول" من حدوث التعلّق فَارِّين من أمر لا يحوجهم إلى ذلك. وقد فَاهَ الإمام في مكان آخره من "المحصول" بِقِدَمِ التعلُّق كما كان أبي - رحمه الله تعالى - يختاره.

وعندي [أَنا أنَّ التعلق] (٦) نسبة بين منتسبين لا يوصف بحدوث ولا قِدَمٍ.

"لنا": على تعلّق الأمر بالمعدوم، "لو لم يتعلّق به لم يكن أزليًا؛ لأن من" لوازم "حقيقة


= بالأمر الأزلي، وهو قيام الطلب القديم بذات الله للفعل من المعدوم إذا انخرط في سلك المكلفين.
ولا يعد فيه بعد تحقيق كلام النفس، وأن التكليف بمعنى الطلب، بل هو جائز عقلًا، كما جاز قيام طلب العلم من الولد قبل وجوده بذات الأب، وصيرورة الولد مكلفًا بذلك الطلب على تقدير وجوده وتهيئته لفهم الخطاب، ولهذا فإن الوالد لو أوصى عند موته لمن سيوجد بعده من أولاده بوصيته، فإن الولد بتقدير وجوده وفهمه يصير مكلفًا بتلك الوصية، ولهذا أيضًا نحن موصوفون بكوننا مأمورين بأمور النبي الموجودة حالة وجوده، وإن كنا معدومين حينئذ. ينظر: الشيرازي ١٥٤ أ/ خ.
(١) سقط في أ، ب، ت.
(٢) في أ، ت، ح: العدم.
(٣) في أ، ح: أقرر.
(٤) في أ، ت: العدم.
(٥) في ت، ح: التعليق.
(٦) في ت: أما أن التعليق.

<<  <  ج: ص:  >  >>