للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَلِذلِكَ يُعْلَمُ قَبْلَ الْوَقْتِ، وَخَالَفَ الإِمَامُ وَالْمُعْتَزِلَة، وَيَصِحُّ مَعَ جَهْلِ الآمِرِ اتِّفَاقًا.

قالوا: لا فارق بينها وبين ما حكي فيها الإجماع من مسألة تكليف ما لا يُطَاق حيث قال: والإجماع على صحَّة التكليف بما علم الله أنه لا يقع.

وقالوا: قد كرر مسألة وادّعى فيها الإجماع، ثم نقل فيها الخلاف.

وأنا أقول: ما لوقوعه شرط إن علم الآمر الشرط واقعًا، فلا إشكال في صحَّة التكليف به، وإن جهله، ويفرض في السيد يأمر عبده فكذالك (١).

ونقل المصنّف عليه الاتفاق، وفيه نظر.

وإن علم انتفاءه فهو على قسمين:

أحدهما: ما يتبادر الذِّهن إلى فهمه حين إطلاق التكليف كالحياة والتمييز، فإن السَّامع متى سمع التكليف تبادر ذِهْنُهُ إلى أنه يستدعي حيًّا مميزًا، وهذا هو الذي خالف فيه إمام الحَرَمَيْنِ.

والثاني: خلافه، وهو ما كان خارجيًّا (٢) لا يتبادر إليه الذهن، وهو تعلّق علم الله مثلًا بأن زيدًا لا يؤمن، فإن انتفاء هذا التعلُّق شراط في وجود إيمانه، ولكن السَّامع يقضي بإمكان [إيمان] (٣) زيد غير ناظر إلى هذا الشرط، وهذا لا يُخَالف فيه الإمام ولا غيره، وهو ما سبق نقل الإجماع عليه.

وسمعت من يقول: موضع الإجماع أَولًا هو هذه المسألة، ولكنه نسب المخالفين فيها إلى خرق إجماع سابق عليهم، وهذا ليس بشيء، فإنه مع لزومه تكرير مسألة واحدة من غير عرض (٤)، فيه نسبة إمام الحرمين إلى خرق الإجْمَاع، ولن يجترئ المصنّف ولا أجَلّ منه على ذلك.

وإنما الصَّوابُ ما ذكرناه، على أن هذه المسألة لا يترجمها أئمتنا بما ترجمها المصنّف، وإنما هي مترجمة عندهم بما جعله المصنّف فائدة لها، وهو أنه هل يعلم المأمور كونه مأمورًا في أول الوقت توجّه (٥) الخطاب إليه، أو لا يعلم ذلك حتى يمضي عليه زمن الإمكان؛ لأن


(١) في ب: فلذلك.
(٢) في ب: خارجًا.
(٣) سقط في ب.
(٤) في ب: عرض.
(٥) في أ، ت، ح: بوجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>