التَّمَكُّنِ. الْمُعْتَزِلَةُ: لَوْ صَحَّ، لَمْ يَكُنِ الإمْكَانُ شَرْطًا فِيهِ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ الإمْكَانَ الْمَشْرُوطَ أَنْ يَكُونَ مِمَّا يَتَأَتَى فِعْلُهُ عَادَةً عِنْدَ وَقْتِهِ وَاسْتِجْمَاعِ شَرَائِطِهِ، وَالإمْكَانُ الَّذِي هُوَ شَرْطُ الْوُقُوعِ مَحَلُّ النِّزَاعِ، وَبِأَنَّهُ يَلْزَمُ أَلَّا يَصِحَّ مَعَ جَهْلِ الآمِرِ.
قَالُوا: لَوْ صَحَّ، لَصَحَّ مَعَ عِلْمِ الْمَأْمُور. وَأُجِيبَ بِانْتِفَاءِ فَائِدَةِ .......
واستدلّ "المعتزلة" بأنه "لو صح لم يكن الإمكان شرطًا فيه"، أي: في الفعل - لكنه شرط كما تقدم في مسألة التكليف بما لا يُطَاقُ.
"وأجيب بأن الإمكان المشروط" في صحَّة التكليف، هو "أن يكون" المكلف به "مما يتأتى فعله عادة عند" حُضُور "وَقْتِهِ، وَاسْتِجْمَاع شرائطه، والإمكان الذي هو شرط الوقوع" غيره، وهو النزاع، فإن عنيت بقولك: لم يكن الإمكان شرطًا - الأول، منعناه، فإن عدم الشرط لا ينافيه.
والثاني التزمناه؛ لأنه "محل النزاع".
وأيضًا "يلزم ألَّا يصحّ مع جهل الآمر" تعيّن ما ذكرت، لكنه مجمع عليه كما تقدم.
الشرح: "قالوا: لو صَحَّ لصح مع علم المأمور" بعدم وجود الشَّرط أيضًا، والجامع كونه غير متصور الحصول منه.
"وأجيب" بالفرق "بانْتِفَاء فائدة التكليف" هنا، بخلاف الأول، "وهذا" يعني الذي لا يعلم عدم (١) وجود الشَّرْط "يطيع ويعصي بالعَزْمِ" على الطَّاعة، "والبِشْرِ" بها "والكراهة" لها، بخلاف العالم بانتفاء الشرط، وهذا على تقدير تسليم انْتِفَاء اللَّازم.
ولقائل أن يقول: لم قلتم: إنه لا يصحّ مع علم المأمور بانتفاء الشرط، بل نقول: إنه يصح، ولذلك أن مَنْ عَلِمَتْ أنها تحيضُ في أثناء النهار يجب عليها افتتاح اليوم بالصوم.
ويقرب منه - وهو على عكسه - من نَذَرَ الصيام يوم قُدُوم زيد، وتبيّن له أنه يقدم غدًا فَنَوى الصوم من الليل أجزأه عن نَذْرِهِ على الصحيح، ولم يقولوا: إنه يجب عليه، بل اختلفوا في الإجزاء كما رأيت - ونظير عدم الوجوب فيه الوجوب في الحَائِضِ.
ولا يعكّر على هذا أن الصحيح فيمن نَذَرَ الصِّيَام يوم يقدم زيد أنه يلزمه الصَّوم من أول اليوم، ويقال: كما تبين بقُدُومِ زيد في أثناء النَّهار وجوب اليوم من أوله، كذلك بطريان الحَيْضِ
(١) سقط في - أ، ت، ح.