للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَنْقَطِع، وَقَبْلَهُ لا يُعْلَم، وإنْ فَرَضَهُ مُتَّسِعًا، فَرَضْنَاهُ زَمَنًا زَمَنًا، فَلا يُعْلَمُ أَبَدًا. وَذلِكَ بَاطِلٌ، وَأَيْضًا، لَوْ لَمْ يَصِحَّ، لَمْ يَعْلَمْ إِبْرَاهِيمُ وُجُوبَ الذَّبح، وَالمُنْكِرُ مُعَانِدٌ.

وَقَالَ الْقَاضِي: الإجْمَاعُ عَلَى تَحَقُّقِ الْوُجُوبِ وَالتَّحْرِيمِ قَبْلَ ....................

المكلف أنه متمكن - بخلاف المضيق فإنه لا يعلم أنه مكلّف إلا بعد الانقضاء - نقلنا الكلام إلى أجزاء ذلك الزمان، ثم "فرضنا زمنًا زمنًا"، وتردّد في كل جزء، فإنه مع الفعل فيه أو بعده ينقطع.

وقيل: الفعل يجوز ألَّا يبقى بصفة التكليف في الجزء الآخر، فلا يأثم بالترك "فلا يعلم" تكليف "أبدًا، وذلك باطلٌ.

وأيضًا لو لم يصح لم يعلم إبراهيم وجوب الذّبح"، لكونه - تعالى - عالمًا بانتفاء شرطه لوقوع النَّسْخ قبل الفعل، "والمنكر" لعلم إبراهيم بوجوب ذَبْحِ ولده مع علمه باشتغاله بمقدماته "مُعَاندٌ".

الشرح: "وقال القاضي" مستدلًّا على صحة التكليف بما علم الآمر انْتِفَاء شرط وقوعه "الإجماع" قائم قبل ظهور المُعْتزلة "على تحقُّق الوجوب والتحريم" على كُلّ بالغ عاقل "قبل التمكُّن" من فعل ما خوطب به.

ويقال: هذا مأمورٌ بكذا، ومَنْهِيٌّ عن كذا.

ومن أبَى ذلك، والتزم إطلاق القول بأنه ليس على البَسِيطَةِ مَنْ يعلم كونه مأمورًا فقد بَاهَت الشريعة، ورَاغَمَ أهل الإجماع.

وقد رَدَّ إمامُ الحرمين هذا الدليل على القاضي، وقال: لا تحصيلَ وراءه، فإن الإطلاقاتِ الشرعية لا تعرض على مأخذ الحقائق، [وأجرى إطلاقهم] (١): هذا مأمور، وهذا مَنْهِي مجرى إطلاقهم (٢) الخمر محرمة، والمراد تحريم شربها فالإطلاقاتُ مجازٌ.

ولقائل أن يقول: الأصل في الإطلاق الحقيقة، ولا يلزم من التجوز في قولهم: الخمر محرمة - مع قيام القرينة - التجوز هنا.

وقد استدلَّ الإمام على أن التكليف يتوجّه قبل المُبَاشرة بالإجماع، على أن القاعد مأمور بالقيام، فما باله يستدلّ بإطلاقاتهم على ما يرتضيه، ويَذَرُهَا عندما يوهنه.


(١) في ب: وأحرى إطلاقاتهم.
(٢) في ب: إطلاقاتهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>