وأما في الشرع: فيطلق ويراد به: المعنى المصدري، ويطلق ويراد به: المعنى الحاصل بالمصدر، ويطلق ويراد به: الموحى به. ويعرف من الجهة الأولى: بأنه "إعلام الله أنبياءه بما يريد أن يبلغه إليهم من شرع أو كتاب بواسطة أو غير واسطة" فهو أخص من المعنى اللغوي؛ لخصوص مصدره ومورده. فقد خص المصدر بالله سبحانه؛ وخص المورد بالأنبياء. ويعرف من الجهة الثانية: بأنه عرفان يجده الشخص من نفسه مع اليقين بأنه من عند الله؛ سواء كان الوحي بواسطة أم بغير واسطة. ويعرف من الجهة الثالثة: بأنه ما أنزله الله على أنبيائه؛ وعرفهم به من أنباء الغيب والشرائع والحكم، ومنهم من أعطاه كتابًا، ومنهم من لم يعطه. ينقسم الوحي باعتبار معناه المصدري إلى: ١ - تكليم الله نبيه بما يريد من وراء حجاب؛ إما في اليقظة: وذلك مثل ما حدث لموسى ﵇ قال تعالى: ﴿وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا﴾؛ ومثل ما حدث لنبينا "محمد" - صلوات الله وسلامه عليه - ليلة الإسراء والمعراج. ولأهل السنة قولان في الكلام المسموع، فقيل: هو الكلام النفسي القديم المجرد عن الحروف والأصوات، وقيل: هو كلام لفظي يخلقه الله، بحيث يعلم سامعه: أنه موجه إليه من قبل الله، والقائلون بهذا لا ينكرون صفة "الكلام" لله سبحانه، وهذا فرق ما بينهم وبين المعتزلة الذين لا يقولون بصفة الكلام. أما الثاني، فواضح، وأما الأول فلا استحالة فيه؛ لأن الثابت أن النبي قد خص بمزايا وخصائص لم توجد في غيره من أفراد نوعه، وأن نفسه بأصل فطرتها مستعدة لما لم تستعد له نفوس غيره، فلا مانع إذًا أن يسمع الكلام النفسي بطريقة غير مألوفة، ولا معروفة لنا، ويكون ذلك من خوارق النواميس العادية المعروفة لنا. وأما في المنام: كما في حديث "معاذ" مرفوعًا: "أتاني ربي، فقال: فيم يختصم الملأ الأعلى؟. " الحديث رواه الإمام أحمد في مسنده، والترمذي في سننه وقال: حسن صحيح. =