٣ - الرؤيا في المنام: ورؤيا الأنبياء وحي؛ وذلك مثل: رؤية إبراهيم الخليل ﵊ أن يذبح ابنه، ورؤية نبينا محمد - صلوات الله وسلامه عليه - في منامه. أنهم سيدخلون البلد الحرام، وقد كان. وفي الحديث الصحيح، الذي رواه البخاري: "أول ما بدئ به رسول الله ﷺ من الوحي الرؤيا الصادقة في النوم، فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح .. ". ٤ - تعليم الله أنبياءه بوساطة ملك، والمختص بذلك من ملائكة الله هو أمين الوحي "جبريل" ﵇، وهذا القسم يعرف بـ "الوحي الجلي". وقد بين الله - سبحانه - هذه الأقسام بقوله: ﴿مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ﴾ إذ المراد بالوحي في الآية: الإلهام أو المنام؛ لمقابلته للقسمين الآخرين: التكليم من وراء حجاب أو بواسطة رسول. والوحي الذي بواسطة جبريل له حالات ثلاث: (أ) أن يأتي جبريل في صورته التي خلقه الله عليها، وهذه الحالة نادرة، وقليلة، وقد ورد عن السيدة عائشة: "أن النبي لم ير "جبريل" على هذه الحالة إلا مرتين: مرة في الأرض، وهو نازل من غار "حراء"، ومرة أخرى في السماء، عند "سدرة المنتهى" ليلة المعراج". رواه أحمد. (ب) أن يأتي جبريل في صورة رجل كدحية الكلبي، أو أعرابي مثلًا، ويراه الحاضرون ويسمعون قوله، ولا يعرفون هويته، ولكن النبي يعلم علم اليقين أنه جبريل، وذلك كما في حديث جبريل الطويل في الصحيحين وحديث أم سلمة، ورؤيتها رجلًا على صورة دحية الكلبي، فظنته هو، حتى بين النبي لها أنه جبريل. (ج) أن يأتي على صورته الملكية، وفي هذه الحالة لا يرى، ولكن يصحب مجيئه صوت كصلصلة الجرس، أو دويٍّ كدوي النحل، وقد دل على هاتين الحالتين حديث سؤال" الحارث بن هشام" النبيّ ﷺ عن كيفية مجيء الوحي إليه؟ وهو في صحيح البخاري كما تقدم. والوحي بجميع أنواعه يصحبه علم يقيني ضروري من الموحى إليه بأن ما ألقى إليه حق من عند الله ليس من خطرات النفس ولا نزعات الشيطان، وهذا العلم اليقيني لا يحتاج إلى مقدمات، وإنما هو من قبيل إدراك الأمور الوجدانية، كالجوع والعطش والحب والبغض. والله أعلم. (١) لفظ "قرآن" قد اختلف فيه العلماء من جهة الاشتقاق أو عدمه، ومن جهة كونه مهموزًا أو غير =