الأول: قال جماعة منهم اللحياني: القرآن: مصدر "قرأ" بمعنى: تلا، كالرجحان والغفران، ثم نقل من هذا المعنى المصدري، وجعل اسمًا للكلام المنزل على نبينا محمد ﷺ، من باب "تسمية المفعول بالمصدر"، ويشهد لهذا الرأي ورود القرآن مصدرًا بمعنى: القراءة في الكتاب الكريم، قال تعالى: ﴿إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ (١٧) فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ﴾ أي قراءته. وقول حسان، بن ثابت يرثي ذا النورين عثمان ﵁: [البسيط] ضَحُّوا بِأَشْمَطَ عُنْوَانُ السُّجُودِ بِهِ … يُقطِّعُ اللَّيْلَ تَسْبِيحًا وَقُرآنًا أي قراءة. الثاني: قال جماعة منهم الزجاج: إنه وصف على فعلان مشتق من "القرء" بمعنى الجمع، يقال في اللغة: "قرأت الماء في الحوض، أي جمعته، ثم سمي به: الكلام المنزل على النبيّ ﷺ لجمع السور والآيات فيه، أو القصص والأوامر والنواهي، أو لجمعه ثمرات الكتب السابقة. وهو على هذين الرأيين مهموز، فإذا تركت الهمزة، فذلك للتخفيف، ونقل حركتها إلى الساكن قبلها، والألف واللام فيه ليست للتعريف، وإنما للمح الأصل. والقائلون بأنه غير مهموز اختلفوا في أصل اشتقاقه: ١ - فقال قوم منهم الأشعري: هو مشتق من "قرنت الشيء بالشيء، إذا ضممت أحدهما إلى الآخر، وسمى به "القرآن" لقران السور والآيات والحروف فيه. ٢ - وقال الفراء: هو مشتق من "القرائن" لأن الآيات منه يصدق بعضها بعضًا، ويشابه بعضها بعضًا، وهي قرائن. أي أشباه ونظائر. وعلى هذين القولين: فنونه أصلية، بخلافه على القولين الأولين، فنونه زائدة. رأي خامس مقابل للأقوال السابقة. وهو أنه اسم علم غير منقول، وضع من أول الأمر علمًا على الكلام المنزل على محمد ﷺ وهو غير مهموز. وهذا القول مروي عن الإمام الشافعي، أخرج البيهقي والخطيب وغيرهما عنه. أنه كان يهمز قراءة، ولا يهمز " القرآن"، ويقول، "القران" اسم وليس بمهموز ولم يؤخذ من قراءة، ولكنه اسم لكتاب الله مثل التوراة والإنجيل. وبالتخفيف فرأ ابن كثير وحده؛ أما بقية السبعة فقرأوا بالهمزة، وأرجح الآراء وأخلقها بالقبول "الأول" ويليه الرأي الثاني. ومما يقوي مذهب القائلين بالهمز. أنهم خرجوا التخفيف تخريجًا علميًا صحيحًا، ولا أدري ماذا يقول القائلون بالرأي الأخير في توجيه قراءة لفظ "القرآن" بالهمز، مع أن عليها معظم القراء السبعة، كما ذكرنا آنفًا؟!. ويرى بعضهم أن "قرآن" مأخوذ من "قرأ" بمعنى "تلا" وهذا الفعل أصله في اللغة=