للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

"وهي" - أي: الأدلة غير الكتاب - "راجعة إلى الكلام النَّفسي"، وإلا لم يكن حُجَّة.

قال علماؤنا: وقد اشتمل الكتاب على جميع الأحكام؛ لقوله - تعالى: ﴿تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ﴾ [سورة النحل: الآية ٨٩]، وقوله: ﴿مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ﴾ [سورة الأنعام: الآية ٣٨].

وقال الشَّافعي : "وليست تنزل بأحد في الدِّين نَازِلَةٌ إلَّا في كتاب الله الدليل على سبيل الهُدَى فيها".

فإن قيل: في الأحكام ما ثبت ابتداء بالسُّنَّةِ.

فلنا: ذلك مأخوذ من كتاب الله - تعالى - في الحقيقة؛ لأن كتاب الله أوجب علينا اتّباع الرسول ، وفرض علينا الأخذ بقوله.

قال الشَّافعي : [فمن قبل عن رسول الله فعن الله - تعالى - قَبِل] (١).


= الآرامية، ثم دخل العربية قبل الإسلام بزمن طويل، ولو صح هذا، فلا ضير فيه؛ لأن هذه الكلمة وأمثالها - وإن كانت في الأصل أعجمية - فقد صارت بعد التعريب عربية بالاستعمال، وبإخضاعها لأصول العرب في نطقهم ولغتهم، واندمجت فيها حتى صارت جزءًا منها، فنزل القرآن بها، وهي على هذا الحال. والقرآن عند الأصوليين، والفقهاء، وأهل العربية هو كلام الله المنزل على نبيه محمد المعجز بلفظه، المتعبد بتلاوته، المنقول بالواتر، المكتوب في المصاحف، من أول سورة "الفاتحة" إلى آخر سورة "الناس". وذهب المحققون من الأصوليين، والفقهاء، وأهل العربية: إلى أن لفظ القرآن" علم شخصي" مدلوله: الكلام المنزل على النبي من أول سورة "الفاتحة" إلى آخر سورة "الناس" وعلميته: باعتبار وضعه للنظم المخصوص، الذي يختلف باختلاف المتلفظين، ولا عبرة بتعدد القارئين والمحال.
وعلى هذا فما ذكره "الأصوليون" وغيرهم من تعاريف للقرآن، ليس تعريفًا حقيقيًا؛ لأن التعريف الحقيقي لا يكون إلا للأمور الكلية، وإنما أرادوا بتعريفه: تمييزه عما عداه مما لا يسمى باسمه، كالتوراة والإنجيل، والأحاديث القدسية، وما نسخت تلاوته.
ويرى بعض العلماء: أن لفظ القرآن موضوع للقدر المشترك بين الكل وأجزائه، فمسماه: كلي. كالمشترك المعنوي. ويرى فريق ثالث أنه مشترك لفظي بين الكل وبين أجزائه، فهو موضوع لكل منهما بوضع. والحق: أنه علم شخصي، مشترك لفظي بين الكل وأجزائه، فيقال لمن قرأ اللفظ المنزل كله: قرأ قرآنًا. ويقال لمن قرأ بعضه: قرأ قرآنًا. وهو ما يفهم من كلام الفقهاء حينما قالوا: "يحرم على الجنب قراءة القرآن" فإنهم يقصدون: قراءة كله أو بعضه على السواء.
(١) في هامش ح: لعل العبارة فممن نقل عن النبي فعن الله نقل.

<<  <  ج: ص:  >  >>