للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَوْلُهُمْ: لَا يُشْتَرَط التَّوَاتُرُ فِي المَحَلِّ بَعْدَ ثُبُوتِ مِثْلِهِ - ضعِيفٌ يَسْتَلْزِمُ جَوَازَ سُقُوطِ

[ثم] (١) قال: "قولهم: مكتوبة بخط المصحف، وقول ابن عباس: سرق الشَّيْطان من النَّاس آية" يعني: البسملة (٢) "لا يفيد؛ لأن القاطع يقابله"، ومراده أن هذين الدليلين ظنيَّان، ونحن نمنع (٣) ذلك كما عرفت.

ونقول: وضعها في المَصَاحف بخطّ المصحف من جميع الأمة مع إيهام أنها من القرآن بذلك دليل قاطع، وبرهان ساطع على أنها من القُرْآن مع ما انضم إلى ذلك مِمَّا رويناه.

ولو سلَّمنا القَطْع بعدم التوَاتر فلم قال: لا يفيد الآحاد فيما نحن فيه وقد أشار لهذا بقوله: "قولهم": لا يشترط القطع بتَوَاتُرِهَا في أوائل السور بعد تواترها في "النمل"، بل يكتفي به؛ إذ "لا يشترط التَّوَاتر في المَحَلّ بعد ثبوت مثله".

وهذا شيء ذكره الغَزَّالي - وهو الحَقّ عند الإنصاف - فهي من القرآن قطعًا.

وأما كونها من أوائل السور أوآية مستقلة إلى غير ذلك من التفاصيل، فأمر اجتهادي.

وذكر المصنّف أنه "ضعيف"، قال: لأنه "يستلزم سقوط كثير من القرآن المكرر"؛ لأنه يقال: يكتفي بأصله عن تَوَاتره في المحل.

قال: وكذلك يستلزم "جواز إثبات ما ليس بقرآن"، مثل: " ﴿وَيْلٌ" يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ﴾ [سورة المرسلات: الآية ١٥]، " ﴿فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ﴾ [سورة الرحمن: الآية ١٣]؛ لجواز أن يكون الثابت بالتواتر بعض المكررات، ويكون البعض الآخر ثابتًا بالآحاد بناء على عدم اشتراط التواتر في المحل بعد ثبوت مثله.

"لا يقال: يجوز" سقوط ما ذكرتم بالنَّظَر إلى الأصل، "ولكنه اتفق تواتر ذلك" بخلاف التسيمة؛ "لأنا نقول": لو فرضنا أنه قطع "النَّظر عن ذلك الأصل" - وهو اتفاق تواتر المكرر - "لم يقطع بانتفاء السقوط"، ولا بانتفاء الإثبات أيضًا؛ لكون القَطْع بها مستفادًا من تواتر المكرر،


(١) سقط في ح.
(٢) أحرجه البيهقي في السنن الكبرى ٢/ ٥٠ وقال الحافظ ابن حجر: رجاله ثقات، لكنه منقطع بن ذر بن عبد الله المرهبي وابن عباس؛ فإن بينهما سعيد بن جبير، ثم قال: أخرجه ابن خزيمة في كتابه في "البسملة" هكذا، وأخرجه من وجه أصح منه من طريق أيوب عن عكرمة عن ابن عباس بنحوه، وكذا ابن المنذر في "الأوسط" وأخرجه سعيد بن منصور من وجه ثالث عن ابن عباس.
(٣) في ب: فمنعه.

<<  <  ج: ص:  >  >>