للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَثِيرٍ مِنَ القُرآنِ المُكَرَّرِ، وَجَوَازَ إِثْبَاتِ مَا لَيْسَ بِقُرْآنٍ مِنْهُ مِثْلُ ﴿وَيْلٌ﴾ [سورة المرسلات:

"ونحن" - مع قطع النظر عن ذلك الأَصْلِ - "نقطع بأنه لا يجوز" كلّ واحد من السّقوط والإثبات "والدليل" على اشْتِرَاطِ التَّواتر في القرآن "نَاهِض" على عدم السقوط والإثبات؛ "ولأنه يلزم" من قولكم: إن تواتر المكرر وقع اتفاقيًّا، وعدم اشتراط التَّوَاتر فيه "جواز ذلك" - أعني: السقوط، والإثبات "في المستقبل" - وهو باطك، فيصير التواتر آحادًا بموت المخبرين، أو غير ذلك.

ونقول إذ ذاك: بعض المجتهدين يردّه؛ لأن القرآن لا يثبت بالآحَادِ.

هذا كلام ابن الحَاجِبِ، وهو في غاية السقوط؛ فإن ما ذكره ليس بلازم لوجوه: أحدها: أن المكرر ليس منه واحد وقع الاتِّفَاق على أنه بعينه من القرآن، فلو جاز السقوط فيه لكان إما معينًا في واحد، وهو ترجيح من غير مرجّح.

وإمَّا الكُلّ وهو يستلزم سقوط بعض القرآن، وهذا بخلاف التَّسْمية، فإنها في "النمل" محققة، فجواز السقوط يتطرَّقُ إليها في غير "النمل".

والحاصل: أن البَسْمَلَةَ من القرآن قطعًا، ومن كل سورة ظنًّا، وما ذكره قوله - تعالى: ﴿فَوَيْلٌ﴾، ﴿فَبِأَيِّ﴾ لا يجيء فيه ذلك.

والثَّاني: أن ما ذكره من المكرر ليس تكريرًا إلَّا في اللَّفظ فقط، وكل واحد متعقّب (١)؛ لأنه يختص بها، ومراد به معنى ليس هو الأول، بخلاف البَسْمَلَةِ في السورة فإنها للتبرك في الجميع.

والثالث: ما ذكره ابنُ الحَاجِبِ من وقوع التَّوَاتر اتفاقًا، وما دفعه به ضعيف.

قوله: يلزم جواز ذلك في المُسْتقبل.

[قلنا] (٢): الجواز العَقْلِي ملتزم، وأما الشرعي، فمن تواتر عنده لا يتصور بغير الحال عنده لحصول العلم [له] (٣).

وأما من لم يتَّصل به التواتر، فلم قلتم: إنه لا يجتهد وهو لم يبلغْه إلا بخبر واحد، وقد قلتم: إن خبر الواحد لا يثبت به القرآن، ومع هذا فالأمة آمنة من وقوع ذلك لقوله - تعالى: ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾ [سورة الحجر: الآية ٩].


(١) في ح: متعصب.
(٢) سقط في أ، ت، ح.
(٣) سقط في أ، ت، ح.

<<  <  ج: ص:  >  >>