للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الآية ١٩]، وَ ﴿فَبِأَيِّ﴾ [سورة الرحمن: الآية ١٦]. لَا يُقَالُ: يَجُوزُ وَلكِنَّهُ اتَّفَقَ تَواتُرُ ذلِكَ؛ لأَنَّا

واعلم: أن ذكر هذه المسألة في الأصول - فضولٌ، وذهاب القاضي أبي بكر إلى أنها قطعية - ضعيف.

والإنصاف أنها ظنية، وإن كنا قد قدّمناه، فذلك على سبيل المُعَارضة والمقابلة، ولا يستراب في حكمنا بأنها من القُرْآن دون حكمنا على آية الكرسي ونحوها.

وأما الاشتغالُ بأن الحق فيها ما هو فمن وظائف الفقيه، والذي ندين به رَبّ العالمين أن الحق في جانب الشَّافعي (١).

وقول القاضي أبي بكر: أَسْتخير الله، وأقطع بخطأ الشافعي معترض (٢) بأنا نبادر إلى القول بتخطئة القاضي من غير تَوَقُّفٍ ولا تَلَعْثُمٍ؛ لأن الإقدام على ذلك خيرٌ مَحْضٌ، وعبادة بَتَّة لا يحتاج قبلها إلى الاستخارة.

وما بالُ ابن البَاقِلَّاني - وإن كان أستاذ المتكلمين - ينادي بهذا المَقَال الذي لا يسلم لأبي حنيفة ومالك، وعصبة الحَقّ ساكتون.

وقد وقع في "شرح القطب الشِّيرازي" أن القاضي قال: إن الخطأ فيها إن لم يبلغ إلى حَدّ التكفير، فلا أقل من التَّفْسِيقِ، وهذا مختلق على القاضي وإن ذكره الإمام فخر الدِّين في "تفسيره".

معاذ الله أن يقول ذلك، ولقد بحثت عن كلماته، ووقفت على كتابه "الانْتِصَار لنقل القرآن" - وهو من نَفَائس كتبه - فوجدته قد أشبع القول فيه، ولم يتعرض لفسق، وَسُبْحَان الله القاضي أجلُّ من ذلك.

ومن طالع كلامه وجده أشد الخَلْق تعظيمًا للشَّافعي، بل ما أعرفه يعظِّم أحدًا من الأئمة مثل تعظيمه للشَّافعي.


(١) هذا مذهب الشافعي ، ويوافقه على كونها [البسملة] آية برأسها من أوائل السور من القراء: ابن كثير، وعاصم، والكسائي، ووافقهم حمزة على الفاتحة خاصة، والقرآن كله بعد ذلك عنده في حكم السورة الواحدة، ولذلك يصل بين السورتين، ويترك التسمية. ينظر الشيرازي ١٦٢ ب/ خ.
(٢) في أ، ت، ح: معارض.

<<  <  ج: ص:  >  >>