للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نَقُولُ: لَوْ قُطِعَ النَّظَرُ عَنْ ذلِكَ الأَصْلِ، لَمْ يُقْطَعْ بِانْتِفَاءِ السُّقوطِ، وَنَحْنُ نَقْطعُ بِأَنَّهُ لَا يَجُوز، وَالدَّلِيلُ نَاهِضٌ؛ وَلأَنَّهُ يَلْزَمُ جَوَازُ ذلِكَ فِي المُسْتَقْبَلِ، وَهُوَ بَاطِلٌ.

وقد قال جَمَاعَةٌ: إنه كان شافعيَّ المذهب مع أن مَنْ ذاق مذاقًا من الشَّريعة يعلم أن التفسيق هُنَا لا وجه له في الجانبين، ولكن هؤلاء الذين شرحوا هذا المختصر بعيدون عن الشريعة عَارُونَ عن ثَبَاتِ (١) الفقه.

ولقد أعجبُ لهم وكلهم شافعية يمرّون بأمثال هذه المسألة، [ولا] (٢) يزيد أكثرهم فيها على حلّ لفظ الكتاب، وأقسم بالله يمينًا برَّة لو تذزعوا لباس (٣) الفقه ما حملت أخفسهم السكوت عن هذه العظائم.

وأحسن ما يُقال في الاعتراض على القاضي شيئان:

أحدهما: ما عارضه حُجَّة الإسلام في كتاب: حقيقة القولين وغيره في مقابلة قوله: لو كانت من القرآن لبين ذلك النبي إلى اخر ما ذكره مع الاحتياج إلى ذلك، فإن كونها مكتوبة بخطّ القرآن في كلّ سورة منزلة على النبي مما يوهم أنها من القرآن، فيلزم بيان ذلك.

لا يقال: كلّ ما هو من القرآن مُنْحصر يمكن بيانه، بخلاف ما ليس من القرآن فإنه غير منحصر، فلا يمكن بيان أنه ليس من القُرْآن؛ لأنَّا نقول أولًا: لم قلتم: إنه لا يجب بيان ما ليس من القرآن قولكم: غير منحصر.

قلنا: نبيّنه على سبيل الإجمال بأن يقول: ما كان خارجًا عَن كيت وكيت، فهو غير قرآن.

سلَّمنا أن ذلك لا يجب على الجملة، ولكن ما الذي لا يجب أن نبيّن أنه ليس بقرآن كل ما عداه، أو ما وقع فيه الشَّك الأول مسلم.

والثاني: وهو محل النزاع - ممنوع وهو منحصر قليل ممكن.

والثَّاني: أنا ندعو القاضي أبا بكر إلى المُبَاهَلَةِ، هل قطْعُه بأن البسملة ليست من القرآن، كقطعه بأن التعوّذ ليس من القرآن؟!، ونحن نُجلُ مقداره عن أن يدَّعي ذلك.

وإن هو فاه بالحَقّ - وهو الظَّن به - وقال بالقَطْع فيهما متفاوت.

نقول: فأنت ممن لا يرى التفاوت بين العلوم.


(١) في أ، ح: ثياب.
(٢) سقط في ت.
(٣) في أ، ب، ح: تدرعوا إلباس.

<<  <  ج: ص:  >  >>