للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

والبندجي (١)، وأبي بكر الصَّيرفي، والقاضي أبي الطيب، والغزالي، والإمام، وأتباعه (٢)، في قولٍ خامسٍ أنه يدل على الحظر.

ووقع للآمدي في حكايته شيء غريب (٣)، فقال: هو قول من جَوَّز على الأنبياء المعاصي، كأنه فهم (٤) عن قائله أنه يحمل الأمر على ارتكاب فاعله محرمًا، وهو سوء فهم؛ فإن من جَوَّز المعاصي لا يقول: إنها دَيْدَنُ الأنبياء حتى يجعل فعلهم المجرد محمولًا عليها، وإنما مستند القائل بهذه المقالة، أن الأحكام قبل ورود الشَّرْع عنده على الحظر.

وفعل لا يغيّر هذا الأمر في حقنا، فيبقى الحَظْرُ كما كان، كذا صرح به القاضي أبو بكر والغزالي وغيرهما.

والحاصل: أن هذا القائل على ضَعْفِ مَقَالَتِهِ يقول بحُرْمَةِ الاتباع، لا أن ما وقع حظر، وهو من قول من يجعل الأحكام على الحَظْرِ قبل الشرع، سواء قالوا بتجويز المَعَاصي أم لا.

"والمختار: إن ظهر في فعله قصد القُرْبة" إلى الله - تعالى - "فندبٌ، وإلا فمباحٌ".

وهذا التَّفصيلُ صريح في جَرَيَانِ قول الإباحة مع ظهور قَصْدِ القُرْبَةِ.

وقد سبقه إليه الآمدي، وتبعه الشيخ شهاب الدين أبو شامة نقلًا واختيارًا في كتابه: "المحقق من علم الأصول فيما يتعلَّق بأفعال الرسول "، ولم يَحْكِهِ ابن السَّمعاني، ولا غيره في هذا القِسْمِ.

وقد يقال عليه: كيف يجامع الترجح استواء الطرفين؟


(١) محمد بن هبة الله بن ثابت، الإمام أبو نصر البندنيجي، نزيل مكة، يعرف بـ"فقيه الحرم"، ولد سنة ٤٠٧، سمع الحديث من كبار الأئمة، وحدث به، وكان من كبار أصحاب الشيخ أبي بكر الشيرازي، قال السلفي: سمعت حمد بن أبي الفتح الأصبهاني الشيخ الصالح بمكة يقول: كان الفقيه أبو نصر البندنيجي يقرأ في كل أسبوع ستة آلاف مرة ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ﴾. صنف المعتمد في الفقه.
ومات سنة ٤٩٥. ينظر: طبقات ابن قاضي شهبة ١/ ٢٧٢، والبداية والنهاية ١٢/ ١٦٢، والأعلام ٧/ ٣٥٥.
(٢) ينظر: الفصول ص (٣١٠)، والمستصفى ٢/ ٣١٤.
(٣) ينظر الإحكام ١/ ١٦٠.
(٤) في ب: وهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>