(٢) في أ، ح: ويثاب. (٣) لما فرغ من تحرير المذاهب شرع في الاحتجاج عليها؛ فبدأ بإثبات المذهب المختار عنده في القسمين، وتمسك بوجهين في إثبات أن ما علم صفته فأمته مثله. أحدهما: الإجماع، وببانه أنا نقطع بأن الصحابة ﵃ كانوا يرجعون إلى فعله المعلوم صفته من الوجوب والندب والإباحة عند كل حادثة، ويقتدون بالرسول ﵇ في ذلك الفعل من غير نكير أحد منهم، كرجوعهم إلى تقبيله ﵇ الحجر الأسود وإلى تقبيله ﵇ لنسائه وهو صائم، وذلك دليل لإجماعهم على أن حكم الأمة حكمه ﵇ في الفعل الذي علم صفته، وإلا لم تفد المراجعة لهم. الثاني: الآية، وهو قوله تعالى: ﴿فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ﴾. ووجه التمسك بها أن الله ﷾ علل نفي الحرج عن المؤمنين في نكاح أزواج أدعيائهم بتزويج الرسول ﵇ زوجة دعيه زيد، فلو لم يكن حكم الأمة حكمه ﵇ في الفعل المعلوم صفته لم يكن للتعليل في الآية معنى؛ لأنه حينئذٍ لم يلزم من نفي الحرج عنه نفي الحرج عن المؤمنين. ولما فرغ من إثبات المذهب المختار في القسم الأول شرع في المذهب المختار في القسم الثاني، وهو أن ما لا تعلم صفته إن كان عبادة فندب وإلا فمباح؛ لأن الفعل الذي لم تعلم صفته إما أن يظهر منه أنه قصد حال إتيانه بذلك الفعل القربة أو لم يظهر، فإن كان الأول فندب؛ لأنه لما قصد القربة به دل على رجحان فعله على الترك؛ لأنه لو لم يكن الفعل راجحًا لم يقصد به قربة، فلزم الوقف عند الرجحان، وهو القدر المشترك بين الواجب والمندوب، وخصوصية الوجوب، وهو الذم على الترك زيادة لم تثبت؛ لأن الأصل عدم الذم بترك الفعل؛ لأن البراءة الأصلية ثابتة، وإذا كان الفعل راجحًا ولم يكن واجبًا تعين أن يكون مندوبًا؛ لأن المباح لا يكون فعله راجحًا، وإن كان الثاني وهو الذي لم يظهر منه أنه قصد به القربة فمباح؛ لأن الجواز ثابت؛ إذ الأصل عدم الذنب في فعله ﵇ لأن وقوع الذنب في فعله نادر مغلوب، والنادر المغلوب خلاف الأصل، وخصوصية الوجوب والندب زيادة لم تثبت؛ إذ لا وجوب ولا ندب إلا بدليل، ولم يثبت دليل الجواز وانتفى الوجوب والندب تعين الإباحة، وأيضًا لو لم تكن الإباحة راجحة في سورة ثبوت الجواز مع عدم قصد القربة لما فهم الإباحة من قوله تعالى: =