للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِلَى فِعْلِهِ الْمَعْلُومِ صِفَتُه، وَقَوْلُهُ - تَعَالَى: ﴿فَلَمَّا قَضَى﴾ [سورة الأحزاب: الآية ٣٧] إِلَى آخِرِ الآيَةِ. وَإِذَا لَمْ تُعْلَمْ، وَظَهَرَ قَصْدُ الْقُرْبَةِ ثَبَتَ الرُّجْحَانُ فَيَلْزَمُ الْوُقُوفُ عِنْدَه، وَالوُجُوبُ زِيَادَةٌ لَمْ تَثْبُتْ، وَإِذَا لَمْ يَظْهَرْ، فَالْجَوَازُ وَالْوُجُوب، وَالنَّدْبُ زِيَادَةٌ لَمْ تَثْبُتْ، وَأَيْضًا لَمَّا نفى الْحَرَجَ بَعْدَ قَوْلهِ: ﴿زَوَّجْنَاكَهَا﴾ [سورة الأحزاب: الآية ٣٧]، فُهِمَتِ الإِبَاحَةُ مَعَ احْتِمَالِ الْوُجُوبِ وَالنَّدْبِ.

قَالَ الْمُوجِبُ: ﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ﴾ [سورة الحشر: الآية ٧].

- كانوا يرجعون إلى فعله المعلوم صِفَتُهُ"، ويبادرون إلى اتباعه، كما في الغسل من الْتِقَاءِ الخِتَانَيْنِ وقُبْلَة الصَّائم وغيرهما.

ولقائل أن يقول: لا شك في رجوعهم، ولكن لم قلتم: إن حكمهم فيه الوجوب فربما رجعوا، وذلك الرجوع ندبًا في حقّهم أو وجوبًا.

"وقوله تعالى: ﴿فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا﴾ إلى آخرها، وهو: ﴿لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا﴾ [سورة الأحزاب: الآية ٣٧].

فإنه لولا وجوب التأسي، لم يكن للآية معنى، لإشعارها بأنه ما زوّجها منه إلا ليكون حكم أمته في ذلك كحكمه.

"وإذا لم يعلم" صفته، "وظهر قَصْد القُرْبَة"، فالدليل على نُدْبِيَّته أنه "ثبت" بقصد القربة "الرَّجحان، فيلزم الوُقُوف عنده، والوجوب زيادة لم تَثْبُتْ"؛ لعدم الدليل.

"وإذا لم يظهر، فالجواز" فقط؛ لأنه المتحقّق، "والوجوب والندب زيادة لم تَثْبُتْ"؛ لعدم دليلها.

"وأيضًا": دليل الإباحة أنه "لما نفى الحَرَج بعد قوله: ﴿زَوَّجْنَاكَهَا﴾ بقوله: ﴿لِكَيْ لَا﴾ "فهمت" منه "الإباحة مع احتمال" اللفظ لكل من "الوجوب والندب".

الشرح: واحتج "الموجب" للتأسِّي مطلقًا بقوله - تعالى: " ﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ﴾ " أي: افعلوه من جملة ما أتى به، فوجب اتباعه؛ لأن الأمر للوجوب.


= ﴿زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ﴾ لامتناعِ ترجح المرجوح أو المساوي، لكن فهمت الإباحة، فتكون الإباحة راجحة، فتعين أن تكون مباحًا. قاله الأصفهاني في شرح المختصر.

<<  <  ج: ص:  >  >>