للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أُجِيبَ بأَنَّ الْمَعْنَى: "مَا أَمَرَكُمْ"؛ لِمُقَابَلَةِ "وَمَا نَهَاكُمْ".

قَالُوا: ﴿فَاتَّبِعُوهُ﴾ [سورة الأنعام: الآية ١٥٣].

"وأجيب بأن المعنى": بـ ﴿مَا آتَاكُمْ﴾: "ما أمركم" به قولًا "لمقابلة" ذلك بقوله: " ﴿وَمَا نَهَاكُمْ﴾ " فإن مقابل النهي هو الأمر.

وهذا الجواب مأثور عن الشيخ أبي الحَسَنِ الأشعري .

ولقائل أن يقول: المراد: امتثلوا ما آتاكم به قولًا وفعلًا، واتركوا النهي (١)؛ إذ النهي بالفعل لا يتصور.

"قالوا": ثانيًا: قوله تعالى: " ﴿فَاتَّبَعُوهُ﴾ " أمر باتباعه عام في الأقوال والأفعال "أجيب": بشموله للفعل، ولكن "في الفعل" المعلوم الصِّفة، وإيقاعه "على الوجه الذي فعله"، وذلك الوَجْه غير معلوم هل هو. للوجوب أو الندب أو الإباحة؟؛ لأن هذا هو الفرض.

أو يقال: ليس المراد الفعل، بل القول، والمعنى: فاتبعوه في القول.

"أو" يقال بعمومه فيهما أي: "في القول" والفعل.

وذلك أن يقول المستدلّ: لم ندعِ تخصيص قوله: ﴿فَاتَّبِعُوهُ﴾ بالفعل، فالضرب الأول من الجواب لا وجه له.

وعلى كلِّ حالٍ تقييدُ الفعل بمعلوم الصفة خلاف الظاهر.

وقد اعترف الشيخ شهاب الدِّين أبو شَامَة بعد أن ذكر الأجوبة، عن هذه الآية بضعف الأجوبة ثم قال: ينبغي حمل قوله - تعالى: ﴿فَاتَّبِعُوهُ﴾ على الندب، لئلا يلزم التخصيص بأشياء كثيرة (٢).

ولقائل أن يقول: الخروج عن ظاهر اللَّفظ لا دليل عليه، وكما يلزمنا التخصيص بأشياء لا يجب علينا فعلها - وإن كان هو الذي قد فعلها - كذلك يلزمك بأشياء لا يندب لنا فعلها، وإن كان هو قد فعلها، وليس كلامنا وكلامك إلا فيما تجرّد من الأفعال، فلم خرجت عن ظاهر الأمر؟

"قالوا": ثالثا: قوله - تعالى: " ﴿لَقَدْ كَانَ … ﴾ إلى آخرها"، أي: ﴿لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ


(١) في أ: المنهى.
(٢) المراد "فاتبعوه" في الفعل على الوجه الذي فعله، أي اتبعوه على سبيل الوجوب إن كان ما أتى به واجبًا، وعلى طريق الندب أو الإباحة إن كان المأتى به مندوبًا أو مباحًا، أو في القول على الوجه الذي ذكرنا، أو فيهما يعني في الفعل مع القول. ينظر الشيرازي ١٧٩ أ/ خ.

<<  <  ج: ص:  >  >>