الثاني: سلمنا أن الموجود من الأمة يقال له أمة، وأنه يصدق على الموجودين في بعض الأعصار أنهم أمة محمد ﷺ غير أنه يلزم مما ذكره أنه لو خلا عصر من الأعصار من أهل الحل والعَقْد، وكان كل من فيه عاميًا، واتفقوا على أمر ديني أن يكون إجماعًا شرعيًا وليس كذلك، وحينئذ يصدق التعريف على تلك الصورة ولا يصدق عليها المعرف؛ فيكون التعريف غير مانع؛ فيكون باطلًا. وأجيب عنه بأن مادة النقص يجب تحققها، وتحققها هنا ممنوع؛ فإن خلو كل عصر عن المجتهد مما هو خلاف الواسع. يعني أنا لا نسلم أن التعريف صادق على مادة محققة لم يصدق عليها المعرف. فهذا الجواب منع لصغرى دليل النقص القائل هذا التعريف صادق على مادة محققة لم يصدق عليها المعرف، وهي اتفاق الأمة في عصر خال عن المجتهد، وكل تعريف هذا حاله فهو باطل .. وأجيب عن الإيرادين بأنه يسبق إلى فهم المتشرعة إرادة المجتهدين في عصر من اتفاق أمة محمد ﷺ كما يسبق. هذا المراد من قوله ﷺ: "لا تجتمع أمتي على ضلالة" وإنما اختار هذا التجوز إحرازًا لحسن الاقتباس. وقال الغزالي في المستصفى في بيان أركان الإجماع: الركن الأول المجمعون، وهم أمة محمد ﷺ وظاهر هذا يتناول كل مسلم لكن لكل ظاهر طرفان واضحان في النفي والإثبات وأوساط مشابهة. أما الواضح في الإثبات فهو كل مجتهد مقبول الفتوى فهو أهل الحل والعقد قطعًا ولا بد من موافقته في الإجماع، وأما الواضح في النفي فالأطفال والمجانين والأجنة، فإنهم وإن كانوا من الأمة فنعلم أنه ﵇ ما أراد بقوله: لا تجتمع أمتي على الخطإ: إلا من يتصور منه الوفاق والخلاف في المسألة بعد فهمها، فلا يدخل فيه من لا يفهمها، وبين الدرجتين العوام المكلفون والفقيه الذي ليس بأصولي، والأصولي الذي ليس بفقيه، والمجتهد الفاسق والمبتدع والناشئ من التابعين مثلًا إذا قارب رتبة الاجتهاد في عصر الصحابة ا. هـ كلامه. ومنه يؤخذ أن المتبادر من اتفاق الأمة اتفاق من يتصور منه الوفاق والخلاف في المسألة بعد فهمها. الثالث: أنه يلزم من تقييده الاتفاق بكونه على أمر من الأمور الدينية ألا يكون إجماع الأمة على أمر عقلي أو عرفي حجة شرعية وليس كذلك، فيكون التعريف غير جامع لصدق المعرف مع عدم صدق التعريف. والجواب أن الأمر العقلي والعرفي إن تعلق به عمل أو اعتقاد فهو أمر ديني، وإلا فيلتزم خروجه؛ فإن الإجماع عليه ليس من الإجماع المتكلم فيه، وهو ما كان دليلًا من أدلة الشرع موجبًا لاعتبار ما يتعلق به. وحاصله أنا لا نسلم أنه غير جامع؛ لأنه إن أريد ما يتعلق به عمل أو اعتقاد من =