ومما تقدم يعلم أن ما أفاده صاحب التحرير وصاحب المسلم من أن كون حجية الإجماع قطعية لم ينازع فيها أحد من أهل القبلة مخالف لما ذكره السبكي. وجعل بعض الحنفية الإجماع بالنسبة لجاحده (أربع مراتب): إجماع الصحابة نصًا؛ لأنه لا خلاف فيه بين الأمة؛ لأن العترة وأهل المدينة يكونون فيهم، ثم الذي ثبت بنص البعض وسكوت الباقين؛ لأن السكوت في الدلالة على التقرير دون النص .. ثم إجماع من بعدهم على حكم لم يظهر فيه خلاف من سبقهم؛ لأن النبي ﷺ رتب القرون في الخيرية فقال: "خير القرون قرنى" الحديث. وحجية الإجماع مبنية على الخيرية؛ فتكون حجية إجماع غير الصحابة بعد حجية إجماع الصحابة .. ثم على ما ظهر فهه خلاف من سبقهم؛ لأن فيه خلافًا بين الفقهاء. وعلى هذا الترتيب درج غير واحد من الحنفية، وحكوه عن محمد بن الحسن رحمه الله تعالى … وجرى بعض الحنفية على جعل الإجماع مراتب ثلاثة: إجماع الصحابة نصًا إذا لم يعتبر فيه خلاف منكره، فصار قطعيًا. والثانية: إجماع من بعدهم؛ إذ فيه خلاف ضعيف؛ فنزل=