للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا يقَالُ: أثْبتُّمُ الإِجْمَاعَ بِالإِجْمَاعِ [أَوْ] أثْبتُّمُ الإِجْمَاعَ بِنَصٍّ يَتَوَقفُ عَلَيْهِ؛ لأَنَّ الْمُثْبَتَ كَوْنُهُ حُجَّةً ثُبُوتُ نَصٍّ عَنْ وُجُودِ صُورَةٍ مِنْهُ بِطَرِيقِ عَادِيٍّ لا يَتَوَقَّفُ .........

وأما اليهود والنَّصَارى، فالخطأ نشأ لهم من نَقْل أوائلهم، وكانوا آحادًا. والعادةُ لا تحيل (١) اجتماع الآحاد على الخطأ، وهذا مع كونه أمثل ما ذكر فيه ضعيف؛ لأن ما ذكر من الفلاسفة يستدعي نقل التاريخ فيه، وأيضًا فالسَّائلُ سُئِلَ عن فلاسفة جميع الأعصار وهم جمع كثير يفوقون (٢) جمع العَصْرِ الواحد من علماء الأمة [في العدد] (٣) بآلاف مؤلّفة وقد اتفقوا على ضلالات، وكذا القول في اليهود والنَّصَارى.

والحقُّ أن السُّؤَالَ واردٌ، وقد أورده شيخ الجماعة القاضي أبو بكر على من زعم حُجِيَّةَ الإجماع تدرك بالعقل.

الشرح: نعم "لا" يرد عليه ما قد "يقال" من أنه يستلزم الدور.

وبيانه أنكم "أثبتم" أن "الإجماع" حُجَّة "بالإجماع" من العدد الكثير من العلماء، "أو أثبتم الاجتماع بنص يتوقف" ثبوته "عليه" - أي: على كون الإجماع حُجَّة -؛ لأنكم قلتم: إجماع الكثيرين على تَخْطِئَةِ المخالف لا يقع، إلَّا عن نصٍّ، فيكون ثبوت النص مستفادًا من كون الإجماع الثَّاني حُجَّةً الذي هو دليل على كون مطلق الإجماع حُجَّة؛ لأنا نقول: الدورُ غيرُ لازمٍ؛ "لأن المثبت كونه" - أي كون الإجماع "حجَّة" - ليس الإجماع ولا نصًّا يتوقف على حُجِيَّته، وإنما هو "ثبوت نصّ" دالّ عليه، وثبوت ذلك النَّص مستفاد "عن وجود صورة" جزئية "منه"، وهي الإجماع الثاني.

وإنما أفاد هذا الإجماع وجود النَّص "بطريق عادي"، وتلك الصورة الجزئية وهي الإجماع الثَّاني"لا يتوقَّف وجودها، ولا دلالتها على" النَّص على "ثبوت كونه حُجَّة فلا دورَ".

"ومنها: أجمعوا على تقديمه على" الدليل "القاطع فدلَّ" ذلك "على أنه" في نفسه "قاطع وإلَّا" فلو لم يدلّ على ذلك "تعارض الإجماعان" - الإجماع على تقديمه علي القاطع [والإجماع على أن غير القاطع] (٤) لا يقدم عليه؛ - وذلك "لأن القاطع مقدّم" بالإجماع، وتعارض الإجماعين باطل؛ لأن العادة تقضي بامتناع وقوع التَّعَارض بين أقوال مثل هذا العدد من العلماء المحققين.


(١) سقط في ت، ح.
(٢) في ت، ح: يعرفون.
(٣) في ح: بالإجماع.
(٤) سقط في ح.

<<  <  ج: ص:  >  >>