ومنها وإليه أشار بقوله: "ونحوه" - قوله تعالى: ﴿وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ﴾ وقوله: ﴿وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾ فإنه نهى كل الأمة عن هاتين المعصيتين، وذلك يدل على تصورهما منهم؛ لأن النهي عن الممتنع أي عما لا يتصور عمن نهى عنه ممتنع، ومن يتصور منه المعصية لا يكون فعله ولا قوله موجبًا للقطع. والجواب: أن النهي راجع إلى كل واحد لا إلى المجموع، ولا يلزم من جواز المعصية على كل واحد جوازها على الكل، ثم النهي لا يقتضي إمكان المنهي عنه، وهو كونه متصور الوقوع ممن نهى عنه؛ فإنه تعالى نهى المؤمن عن الكفر مع علمه بأنه لا يكفر، وخلاف علمه محال، وأنت قد عرفت في غير موضع أن مثله محال لغيره، فيكون متصور الوقوع، فالأولى الاقتصار على المنع الأول، وأشار المصنّف إلى هذه الأجوبة بقوله: وغايته الظهور، أي غاية ما تمسكتم به بعد تسليم ما فيه من الممنوع ظهورها في المطلوب، لكنه لا تقابل القاطع على ما أسلفناك من الأدلة العقلية. وأما بالسنة فبحديث معاذ ﵁ حيث أقر النبي ﵇ إياه لما سأله عن الأدلة المعمول بها على إهماله ذكر الإجماع، ولو كان الإجماع دليلًا لما سامح ذلك مع دعوى الحجة إليه، واليه أشار بقوله: "حيث لم يذكره"، أي حيث لم يذكر معاذ الإجماع. وأجيب بأن الإجماع حينئذ لم يكن حجة، فلذلك لم يذكره، وقصة معاذ مشهورة، فلذلك لم يذكرها. ينظر: الشيرازي ١٩٨ أ/ خ.