(٢) ينظر: الإحكام ١/ ٢٠٤. (٣) قال العضد حين حكايته هذا الخلاف في المقلد: الأثر على أنه لا يعتبر وإن حصل طرفًا صالحًا من العلوم التي لها مدخل في الاجتهاد، وميل القاضي إلى اعتباره. قال شارحه: أي اعتبار المقلد عاميًا كان أو أصوليًا أو فروعيًا، ولم يتعرض الشارح لهذا المذهب لبعد اعتبار العامي، وأشار إلى أن المقلد المختلف في اعتباره هو الذي حصل طرفًا من العلوم التي لها مدخل في الاجتهاد، وهو لا محالة يكون أصوليًا أو فروعيًا، فينبغي أن يكون ميل القاضي إلى اعتبار الأصولي والفروعي جميعًا ا. هـ. فأنت ترى أن العضد في شرحه على المختصر لابن الحاجب لم يعتبر المقلد العامي، ولم يحمل عليه رأي القاضي، بل حمله على ما إذا حصل طرفًا صالحًا من العلوم التي لها مدخل في الاجتهاد، ولله دره؛ فإن اعتبار هذا خطل كبير؛ وإنَّنا نربأ بالقاضي أبي بكر عن القول بأن الباعة والسوقة وأرباب الحرف لا بد من اعتبارهم في الإجماع خصوصًا أن لو حملناه على أن قيام الحجة مفتقد إلى ذلك كما قال الآمدي، ومما يؤيد فهم الشارح في كلام القاضي قول الآمدي أن قيام الحجة مفتقر إلى اعتبار المقلد؛ فإنه يتعين حمله على المقلد الذي حصل طرفًا من العلوم إلخ وإلا فلا عاقل يقول بتوقف الحجية على قول جميع العوام. احتج الجمهور بدليلين: الأول: أنه لو اعتبر وفاق المقلدين لم يتصور إجماع؛ لأن العادة تمنع اتفاق المقلدين عامة، وكذا اتفاق الأصوليين أو الفروعيين خاصة؛ لكثرتهم وانتشارهم، والتالي باطل بالضرورة. الثاني: أن المقلد تحرم عليه مخالفة إجماع المجتهدين قولًا وفعلًا، فيكون قوله المخالف معصية مهدرة شرعًا؛ فلا تضر الإجماع. واعترض عليه أولًا بأن من قال باعتباره يمنع الحرمة؛ إذ كيف تحرم مخالفة ما ليس بإجماع؟. وجوابه أن هذا مكابرة؛ فإنه من الواضح أن المقلد أفتى لا عن دليل وذلك حرام بالنص. فإن قلت: هذا إنما يتم في مخالفة إجماع الصحابة، وأما إجماع من بعدهم بعد تقرر خلاف سابق من الصحابة لا يكون حرامًا؛ فإن المقلد له أن يقلد قول أي مجتهد شاء. قلت: إن كانت مخالفة هذا المقلد لمجتهدي زمانه بمجرد رأيه فهي حرام قطعًا، وإن كانت تقليدًا لمجتهد سابق على مجتهدي عصره فاعتبار قوله لأن قول مجتهد سابق بالحقيقة فهو اعتبار لقول ذلك المجتهد؛ فقد آل الحال إلى أن الإجماع اللاحق هل هو حجة مع مخالفة المجتهد السابق أولًا.