للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَنَا: لَوِ اعْتُبِرَ لَمْ يُتَصَوَّرْ، وَأَيْضًا المُخَالَفَةُ عَلَيْهِ حَرَامٌ فَغَايَتُهُ مُجْتَهِدٌ خَالَفَ وَعُلِمَ عِصْيَانُهُ".

الشرح: "لنا: لو اعتبر" خلاف الجاهل بشيء فيه "لم يتصور"؛ لأن قولهم لا يكون لدليل فلا يعتبر، فإذًا لو اعتبر لم يعتبر هذا خلف [غير] (١) متصور.

"وأيضًا: المخالفة عليهم حرامٌ"، فإن التقليدَ واجبٌ عليه؛ إذ الفرض أنه إما عامي صرف، وإما أصولي ماهر له تصرف في الفِقْهِ لا يخرجه عن مرتبة التَّقْليد، "فغايته" عند المخالفة "مجتهد خالف" المجمعين، و"عُلِمَ عصيانه"، فلا يُلتفت إليه.

ولقائلٍ أن يقول على الأول: كلامكم في العَامي الصرف مبني على ما تصورتموه من أن القائل باعتباره يجعله بمنزلة آحاد المجتهدين، وليس كذلك، بل إنما [يعتبره] (٢) ليطلق لفظ الإجماع كما مضى، وفيمن سند شيئًا من الأصول [لا يتضح] (٣)؛ لأنه قد يسوقه إلى المخالفة أدنى نظر، وإن لم يكن النَّظر التَّام الذي يترفّع (٤) به عن حضيض التَّقليد.

وعلى الثَّاني: المجتهد المعلوم عصيانه بالمخالفة، إن طرأ بعد الإجماع، فالفارق بينه وبين العامي أنه لم يكن في زمن المجتهدين، فانتهض الإجماع قبله، فكان عاصيًا؛ لخرقه الإجماع؛ إذ الإجماع عنده غير متحقق (٥) إلا به فلم يخرق الإجماع.

وإن كان المجتهد موجودًا في زمن المُجْمعين، وخالف لا لدليل ساقه؛ بل عنادًا ومُكَابرة، وهذا لم قلتم: إنه لا يعتبر، وغاية ما في الباب أنه يفسق، والفسق لا يخرجه عن أهليَّة الاجتهاد.

وإن قلتم: العدالة رُكْن في الاجتهاد خَرَجتم عما نحن فيه؛ لأن كلامنا في مجتهد خَالفَ، وهو الآن على ما يقولون ليس بمجتهد.

وقد يقال في جواب هذا: المجتهدُ لا يمكن أن يخالف لا لدليل يعم، فيقول بلسانه إنه مخالف، وهو بقلبه مُوَافق؛ إذ الفرض أن الدليل لم يسبقه، وهو من أهل النَّظر، ولا اعتبار بكذبه في قوله: أنا مخالف (٦).


(١) سقط في ح.
(٢) في ج: تعتبره.
(٣) في أ، ت، ح: ينصح.
(٤) في ح: يرتفع.
(٥) في ح: محقق.
(٦) إذا تحققت ذلك علمت أن المذاهب لا تزيد على أربعة: أحدها: عدم اعتبار العامي والأصولي =

<<  <  ج: ص:  >  >>