للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَاسْتُدِلَّ بِنَحْوِ: "إِنَّ الْمَدِينَةَ طَيِّبَةٌ تَنْفِي خَبَثَهَا، [كَمَا يَنْفِي الْكِيرُ خَبَثَ الْحَدِيدِ"]، وَهُوَ بَعِيدٌ، وَبِتَشْبِيهِ عَمَلِهِمْ بِرِوَايَتِهِمْ، وَرُدَّ بِأَنَّهُ تَمْثِيلٌ لَا دَلِيلٌ مَعَ أَنَّ الرِّوَايَةَ تُرَجَّحُ بِالكَثْرَةِ بِخِلَافِ الاجْتِهَادِ.

قالوا: وفي رسالة مالك إلى الليث بن سعد (١) ما يدلّ عليه، قالوا: وليس قطعيّا، بل ظني يقدم (٢) على خبر الواحد والقياس.

وذهب القاضي عبد الوَهَّاب إلى أن اجتهادهم ليس بِحُجَّة، ولكن يقدم على اجتهاد غيره، والحق عندنا ما عليه جماهير الأمة من أن البِقَاعَ لا تعصم ساكنيها، وأنه لا فرق بين "المدينة"، وغيرها. وبالجملة من ادَّعى أن إجماع المدينة حجة فقد استمر على لجاج ظاهر.

الشرح: "واستدل بنحو: إن "المدينة" طيبة تنفي خبثها"، والخطأ خبث فيكون منفيًا عنها، والحديث في "الصحيحين" ولفظه: "إِنَّمَا الْمَدِينَةُ كَالْكِيرِ تَنْفِي خَبَثَهَا وَيَنْصَعُ طِينُهَا" (٣)، وأما نحوه فمثل: "إِنَّ الإِيمَانَ لَيَأْرِزُ إِلَى الْمَدِينَةِ، كَمَا تَأْرِزُ الْحَيَّةُ إِلَى جُحْرِهَا" رواه مسلم "وهو بعيد"، فإنَّ الباطلَ قد يوجد فيها بلا ريب، فلو اطّلع مطلعٌ على ما يجري بين لابَّتَّيْهَا من المخازي قضى


(١) ليث بن سعد بن عبد الرحمن الفَهْمي مولاهم الإمام، عالم مصر، وفقيهها ورئيسها. عن سعيد المقبري وعطاء ونافع وقتادة والزهري وصفوان بن سليم وخلائق. وعنه ابن عَجْلان وابن لهيعة وهشيم وابن المبارك والوليد بن مسلم وابن وَهْب وأمم. قال ابن بكير: هو أفقه من مالك. وقال محمد بن رمح: كان دخل الليث ثمانين الف دينار ما وجبت عليه زكاة قط. وثقه أحمد وابن معين والناس قال ابن بكير: ولد سنة أربع وتسعين، وتوفي سنة خمس وسبعين ومائة. ينظر ترجمته في: تهذيب الكمال ٣/ ١١٥٢، وتهذيب "التهذيب" ٨/ ٤٥٩ (٨٣٢)، وتقريب "التهذيب" ٢/ ١٣٨، وخلاصة تهذيب الكمال ٢/ ٣٧١، والكاشف ٢/ ١٣، وتاريخ البخاري الكبير ٧/ ٢٤٦، وتاريخ البحاري الصغير ٢/ ٢٠٩ والجرح والتعديل ٧/ ١٠١٥، وميزان الاعتدال ٣/ ٤٢٣، ولسان الميزان ٧/ ٣٤٧، وسير الأعلام ٨/ ١٣٦، والحلية ٧/ ٣١٨، والثقات ٧/ ٣٦، وتراجم الأحبار ٣/ ٣٠٧، ٣١١، وطبقات ابن سعد ٧/ ٣١٦، ٣٣٨، ٣٤٠، ٣٤٢، ٣٧٩، ٥١٨، وتاريخ بغداد ٣/ ١٣، ومعرفة الثقات ١٥٦٥، ونسيم الرياض ٢/ ١٢٧.
(٢) في. ت، ح: تقدم.
(٣) أخرجه مالك في الموطأ ٢/ ٨٨٦، وكتاب الجامع: باب ما جاء في سكنى المدينة والخروج منها (٤)، والبخاري ١٣/ ٢١٣، كتاب الأحكام: باب من بايع ثم استقال البيعة (٧٢١١)، ومسلم (٢/ ١٠٠٦) كتاب الحج: باب المدينة تنفي شرارها (٤٨٩ - ١٣٨٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>