للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالُوا: "عَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ مِنْ بَعْدِي" "اقْتَدُوا بِاللَّذَيْنِ مِنْ بَعْدِي". قُلْنَا: يَدُلُّ عَلَى أَهْلِيَّةِ اتِّبَاعِ المُقَلّدِ، وَمُعَارَضٌ بِمِثْلِ: "أَصْحَابِي كَالنُّجُومِ [بِأَيِّهِمُ اقْتَدَيْتُمُ اهْتَدَيْتُمْ] "، وَخُذُوا شَطْرَ دِينِكُمْ عَنْ [هذِهِ] الْحُمَيْرَاءِ.

لَنَا أَنَّ الْعَادَةَ تَقْضِي بِأَنَّ مِثْلَ هذَا الْجَمْعِ الْمُنْحَصِرِ مِنَ الْعُلَمَاءِ اللَّاحِقِينَ بِالاِجْتِهَادِ لَا يُجْمِعُونَ إِلَّا عَنْ رَاجِحٍ.

وصححه والحاكم على شرط الشيخين، وليس في لفظه "مِنْ بَعْدِي" كما وقع في الكتاب واستدلالًا على إجماع الشيخين (١).

قال النَّبِيّ : ""اقْتَدُوا بِالَّذَيْنِ مِنْ بَعْدِي" أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ" (٢) رواه أحمدُ والترمذي وابن ماجة، وقال الترمذي: حسن (٣).

الشرح: قال: "لنا أن العَادَةَ تقضي في مثل هذا الجمع المُنْحصر من العلماء اللاحقين" من غيرهم "بالاجتهاد" بسُكْنَاهم في مهبط الوَحْي، ومشاهدتهم معاهد التنزيل، "لا يجمعون إلا عن راجح"، فيكون دليلًا شرعيًّا.

وقال: مثل هذا الجمع، لينبّه على أن "المدينة" لا خصوصيةَ لها، وإنما اتفق فيها ذلك، ولو اتفق مثله في غيرها قِيلَ به.

وقال: المُنْحَصِرُ؛ لأنهم لو تفرقت بهم النَّواحي، ولم يجتمعوا في مكان واحد لم يطلعوا على الرَّاجح؛ لأنَّهُ لا سَبِيلَ لهم مع التفرُّق إلى الاجتماع والتَّشَاور والاتفاق.

"فإن قيل": هَبْ أنهم لا يجمعون عن رَاجِحٍ، ولكن "يجوز أن يكون مستمسك غيرهم أرجح، ولم يطلع عليه بعضهم".


= ١/ ٤٤، ٤٥، في المقدمة باب اتباع السنة، والحاكم في المستدرك ١/ ٩٦ في كتاب العلم، وأبو نعيم في الحلية ٥/ ٢٢٠ و ١٠/ ١١٥، وقال الحافظ ابن كثير في "تحفة الطالب" ص (١٦٣): صححه الحافظ أبو نعيم والدغولي، وقال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري: هو أجود حديث في أهل الشام وأحسنه.
(١) وتقريره: أنه يفيد وجوب اتباع طريقتهم وحرمة مخالفتهم.
(٢) تقريره: أنه يفيد وجوب اتباعهم وحرمة مخالفتهم، والجواب عنهما أنهما يدلان على أهلية الأربعة أو الاثنين لقليد المقلد لهم، لا على حجية قولهم على المجتهد.
(٣) تقدم.

<<  <  ج: ص:  >  >>