للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَإِنْ قِيلَ: يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُتَمَسَّكُ غَيْرِهِمْ أَرْجَحَ، وَلَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهِ بَعْضُهُمْ.

"قلنا: العادة تقضي باطِّلاع الأكثر" - وأهل"المدينة" أكثر -، "والأكثر كافٍ فيما تقدّم" من كون إجماعهم حُجَّة.

ولقائل أن يقول: كان العلماء في "الكوفة" و"البصرة" أكثر، وهذا ظاهر، فيلزمكم أن يكون قولهم حجَّة، وأن هذا الجمع المنحصر إذا حصلوا ببلدة أخرى كانت أقاويلهم حجَّة، ودليلك وإن اقتضى التزامه لأنا لا نعرفه صرحًا به عن مالك.

وقولك أولًا: إنه أحق - ممنوع -، فقد كان فيمن هو ناء عن "المدينة" بعد موت عثمان من [هو] (١) أفضل من ساكنيها، كَعَلِيّ، وجماعة كانوا بـ"مكة"، و"البصرة"، و "الكوفة"، وغيرها.

وقولكم: مهبط الوحي ومُشَاهدة التنزيل هذا إنما الاعتبارية بالمشاهدة، لإمكان المشاهدة، فإن الجدران لا تخبرنا ولا تحدثنا، والمشاهدون لم ينحصروا في "المدينة"، بل كان الخارج عنها أكثر بلا ريبٍ، وكذلك (٢) من أدركهم من التابعين وهلمَّ جَرّا.

قلنا: إنما يدلُّ ما رويتم على أهلية اتباع المقلد - أي: أهلية الأربعة في الحديث الأول، والشيخين في الثاني -؛ لاتباع المقلّد لهم أو لهما.

ومعارَض أيضًا بمثل ما روى ابن مَنْدَه في "أماليه" من قوله : "أصْحَابِي كَالنُّجُومِ بِأَيِّهِمُ اقْتَدَيْتُمُ اهْتَدَيْتُم" (٣) وفي سنده مجاهيل.


(١) سقط في ح.
(٢) في ت، ح: ولذلك.
(٣) أخرجه عبد بن حميد في مسنده من طريق حمزة النصيبي عن نافع عن ابن عمر، وحمزة ضعيف جدًّا، ورواه الدارقطني في "غرائب مالك" من طريق جميل بن زيد عن مالك عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر، وجميل لا يعرف، ولا أصل له في حديث مالك ولا من فوقه، وذكره البزار من رواية عبد الرحيم بن زيد العمي عن أبيه عن سعيد بن المسيب عن عمر وعبد الرحيم كذاب، ومن حديث أنس أيضًا وإسناده واهٍ، ورواه القضاعي في مسند الشهاب له من حديث الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة، وفي إسناده جعفر بن عبد الواحد الهاشمي، وهو كذاب. ورواه أبو ذر الهروي في كتاب السنة من حديث مندل عن جويبر عن الضحاك بن مزاحم منقطعًا، وهو في غاية الضعف، قال أبو بكر البزار: هذا الكلام لم يصح عن النبيّ وقال ابن حزم: هذا خبر مكذوب موضوع باطل، وقال البيهقي في الاعتقاد عقب حديث أبي موسى الأشعري الذي أخرجه مسلم في =

<<  <  ج: ص:  >  >>